اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال "علامات على الطريق - يافا لا تفقد الذاكرة أبدا" بقلم: يحيى رباح


في السادس والعشرين من الشهر الجاري شباط/ فبراير، ستشهد مدينة يافا حدثا نوعيا في غاية الأهمية، وهو الاحتفال بإطلاق اسم الدكتور فؤاد الدجاني على الميدان في حي العجمي المجاور لمستشفى قديم تم افتتاحه عام 1939، وهو مستشفى الدكتور فؤاد الدجاني، أما الحكاية فتعود إلى أبعد من ذلك بكثير .

في عام 1890 ولد الدكتور فؤاد إسماعيل بكر الدجاني، في عائلة فلسطينية عريقة هي عائلة الدجاني التي ينتشر أبناؤها في القدس وغزة ويافا وعمان وبيروت والقاهرة، وهي عادة أصيلة لدى العائلات السنية الكبرى، التي كان أبناؤها يعيشون في معظم مدن وعواصم السنة المشهورة، يتابعون تجارتهم ويشرفون على أعمالهم .

وقد ولد الدكتور فؤاد الدجاني في مدينة القدس، ولكنه عاش في مدينة يافا بعد أن تخرج من كلية الطب بجامعة كامبردج في عام 1920 .

وبما أنه كان طموحا بما يفوق سنه وزمانه، فقد برع في مهنة الطب حتى أنه كان من أوائل الذين حصلوا على درجة الزمالة البريطانية، بل إنه كان من ضمن فريق الأطباء الذين يشرفون على صحة الملك جورج السادس، والد ملكة بريطانيا الحالية إليزابيث، وكان يسافر إلى لندن كل ستة شهور لأداء هذه المهمة، ولكن طموحه لا يتوقف عند هذا الحد، بل أصر على بناء مستشفى كبير، كان وقتها من أهم المستشفيات في الشرق الأوسط، وقد تم له ما أراد حيث تم افتتاح المستشفى الذي يحمل اسمه في عام 1930، وكان المرضى يأتون إليه من معظم أنحاء فلسطين، مسلمين ومسيحيين ويهوداً، بل كان بعضهم يأتي إلى المستشفى من كل أنحاء الشرق الأوسط .

في ذلك الوقت:

كانت مدينة يافا بحق هي عروس مدن البحر الأبيض المتوسط بلا منازع، مدينة التجارة والأعمال، مدينة الثقافة والفنون، مدينة الجمال والمهرجانات الدولية ابتداء من مهرجانات المصارعة الحرة، وفرق الفلكلور الشعبي في موسم النبي روبين، وسباقات الخيل، وكان من الصعب على أي فنان مهما بلغت شهرته ألا يعتمد هذه الشهرة عن طريق زيارة يافا، والغناء في مسارحها المبهرة مثل مسرح سينما الحمراء الشهيرة، وهذا ما حصل مع كوكب الشرق السيدة أم كلثوم ومع سيد الموسيقى والطرب العربي الأصيل محمد عبد الوهاب، بل إن حليم الرومي أشهر الموسيقيين في العصر الحديث، والد الفنانة الكبيرة ماجدة الرومي، ومكتشف معجزة الغناء العربي السيدة فيروز، قد حصل على الشهرة في مدينة يافا .

بحر يافا أزرق،
وسماء يافا زرقاء،

هكذا سجل المربي الكبير، أحد أساطير التعليم في عالمنا العربي، الفلسطيني النابغة خليل السكاكيني في كتب القراءة الأولى !!! وكانت يافا في زمانها قبل النكبة، وقبل حدوث الخطيئة الكبرى التي لا تغتفر والتي ارتكبها أقوياء العالم ضد هذا الشعب المبدع الشجاع وهو الشعب الفلسطيني، من أشهر مدن العالم، مشهورة ببرتقالها الذي طبقت شهرته الآفاق، ومشهورة بتعدد ثقافاتها ومساهماتها الحضارية، يعتز بها أهلها، ومن خلالها يتصلون مع العالم وكان وعيهم السياسي متقدما، ولذلك كانت مدينة يافا من أوائل المدن في المنطقة كلها التي نشأت فيها الجمعيات الأهلية والأحزاب والحركات السياسية، وقد لعبت دورا كبيرا وبارزا في النضال الوطني الفلسطيني، وحين حلت النكبة السوداء وهجر أهلها تحت تهديد الموت والسلاح، فقد انتشر أهلها في بقية فلسطين وفي مدن الشتات القريب والبعيد، ومنحوا الحياة العلمية والثقافية والفنية في البلدان التي انتشروا فيها عطاءً كبيرا .
في عام 1940 توفي الدكتور فؤاد الدجاني بعد تسمم خطير تعرض له إثر عملية جراحية معقدة ولكن طبيبا من أبناء عمومته واصل الحفاظ على المستشفى وإدارته حتى وقعت النكبة عام 1948، حين وضعت السلطات الإسرائيلية يدها عليه.

بعد النكبة، تم إهمال مستشفى الدكتور فؤاد الدجاني كنوع من إسدال الستار على ذاكرة الزمن الجميل، وتم تحويله مقرا لإحدى جمعيات رعاية العجزة !!! ولكن يافا لا تفقد ذاكرتها أبدا، وهكذا بدأت المحاولات الجادة من قبل أهل يافا الفلسطينيين، من رابطة عرب يافا، من ممثليهم في المجلس البلدي، وبمساعدة القوى الليبرالية والديمقراطية الإسرائيلية للحصول على قرار بتخليد اسم الدكتور فؤاد الدجاني، بإطلاق اسمه على الميدان المطل على المستشفى والشارع المجاور، وسوف يحضر الاحتفال في السادس والعشرين من هذا الشهر ابنا الدكتور فؤاد وأحفاده وعدد كبير من المهتمين وأهل الذاكرة الإنسانية الصافية .

تحية لذكرى ذلك الرجل الفلسطيني الكبير والموهوب الدكتور فؤاد الدجاني، وتحية لمدينة يافا التي لا تفقد ذاكرتها أبدا .

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
الي رقم 3 اشكرك علي التوضيح وانا اشد علي يدك واقول لك كل اشي يحصل في هذه البلد من احتفال او مهرجان او تكريم شخص .....الخ يكون من وراه مغزي سياسي اسرائيلي مدمر وكما قلت سابقا ما هي الا غسل لدماغ شبابنا واشغاله بالتفاهات وكما نشاهد الان هم يطبقونها بمهارة "سوف تكون اموالهم عليهم حسرة "
نسرين - 15/02/2012
رد
2
اوجهها اليك ولكل من يهمه الامر ... ان مشروع تسمية شوارع وازقة بلدنا على اسماء فلسطينيي 48 له الكثير من الاحترام والقيمة بحد ذاتها ولكن ما يبعث بي الى تعليقي بهذا النهج هو ان الحفل والمهرجان الذي سيقام لاجل هذه التسمية له صبغة وفحوى غير طاهرين واذا كان المقصود رفع قيمة هؤلاء الى فوق فيجب على الجميع تحمل هذا الحفل وعدم اشتراك جهة سياسية او سلطة ما ...لكي لا يعطي ذلك طابعا غير نقيا من وجهة نظر اصحاب الحدث وهم الفلسطينيون انفسهم ...
الى رقم 5 المتسائلة - 15/02/2012
رد
3
اطلت التوضيح من رقم 3 الرجاء من رقم 3 التوضيح التوضيح وانت بلا لف ودوران وضحنا اكتر عشان احنا ما بنحب نكون من المغفلين
نسرين - 14/02/2012
رد
4
شكرا لك شكرا لك على هذه المعلومات المهمة التى سمحت لشبابنا داخل وخارج يافا بمعرفة خبايا وحقيقة ابطالنا الذين اقترب الاستعمار في النجاح بغسل دماغهم بالتفاهات التى سوف يصل بهم المطاف الى التهلكة اشكرك مرة اخرى وانا شخصيا ايها الاب الفاضل انتظر منك اسم اخر وتاريخ اخر من ابطالنا لكى نباشر بنشرها لأبناء الجيل الصاعد
نسرين - 14/02/2012
رد
5
يا من سويتم بين الوطن وحب الذات... الى كل من سولت له نفسه بيع ضميره لاجل ارضاء مموليه ومفعليه اتى الزمن بان تكشف عنك غطائك الاسود وان تصحى لضمير من نهبت اوطانهم وسلبت تحويشة عمرهم وحتى آخر طبخة لم ينالوا ذوق بهارها المسموم من صاعقة نكبة اغتصبت كل مايملكون وما يحلمون به لاجل غير مسمى وشاء القدر ام ابى فنحن من هنا نرحب بهم ونشد على ايديهم والارض ارضهم والتراب مفروش لاجلهم اجلهم الله اين ما كانوا واين حلوا ....وملاحظة لك يا من ملئت صدرك نسبة الادرنالين والحماسة ان تنظف من عندك الغمامة والشاشة السوداء وكف عن نشاطك الذي لا ولن يزيدك حبا ولا ترحيبا لدى من لديهم مخافة الله والنظرة باحتقار على هذا الانجاز المرآئي والمزيف...
وجه الله... - 14/02/2012
رد
6
نعم لتخليد الأعلام لكن ليس تحت راية المحتل أشد على يديك يا اخ عبد القادر وأساندك في هذا الموقف ، نعم يافا واعلامها مغيبون عن ذاكرة ابنائها بأثر من حملة التهويد والتهجير القسري لسكانها الأصليين من الفلسطينيين منذ عام 1948 وحتى اليوم ، والعمل على إحياء ذكرى هؤلاء الأعلام هو واجب ديني ووطني وقومي بالدرجة الأولى ، وقيام المحتل ممثلا بالسلطة البلدية بهذا الأمر لا يخلو من أهداف خفية سيدفع أهل يافا ثمنها وهم يصفقون له ، لذلك فالدعوة الآن يجب ان تنطلق من الغيورين من أهل يافا وتتمثل في التواطؤ بين السكان على إحياء أسماء الشوارع اليافية الأصلية ونشر ذلك بين الجيل الناشئ الذي مسحت ومسخت ذاكرته فلا يعرف من تاريخ يافا إلا القتل والسموم . ورسالة إلى آل الدجاني ممن سيشاركون في هذا الحفل وهم من هم في المجد والشرف والتاريخ أقول : لا تسودوا صحائف مجدكم بمشاركة من طرد اجدادكم وطمس تاريخهم حتى يبني لنفسه مجدا وتاريخا على أنقاض تاريخكم المجيد.
إبراهيم أبو إسماعيل - 13/02/2012
رد
7
ملاحظة لابد منها نشكر الأخ الكريم على هذه اللفتة الطيّبة عن سيرة الدكتور فؤاد الدجاني . ولا بد من الاشارة الى أن الدكتور حثل على عدد لا بأس به من الاوسمة ولكن عندما علم بوعد بلفور وتواطأ الانتداب مع الحركة الصهيونية قام بإعادة الاوسمة وانضم الى اللجنة الوطنية للدفاع عن فلسطين. وهو شهيد كونه توفي أثناء اداؤ واجبة تجاه يافا والوطن. بعد النكبة استمر المستفى بالعمل الى بداية السبعينات حيث اعتبر احد مستشفيات الولادة في يافا وانا من مواليد ذا المستشفى مع كل أبناء جيلي وهم كثر. وأخيرا اقول اننا نبارك الخطوة بتسمية الدوار على اسم الدكتور ولكن لنا مأخذ على مشاركة أهله في المراسيم لاسباب قد تحرجهم وهذا ما لا نرضى به من باب حبنا لهم وحرصنا على التواصل معهم ونقول لهم ان يافا واهلها يرحبون بكم في الوقت الذي تختارونه ولكن بعد المراسيم وليس خلالها .
عبد القادر سطل - 13/02/2012
رد

تعليقات Facebook