اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

صراعنا للحفاظ على لغتنا مهم كصراعنا للحفاظ على الأرض والوطن - بقلم: عبد القادر ابو شحادة

 
أسابيع ليست سهلة تمر على مدينتنا، منذ اعلان البلدية عن نيتها بإقامة ملجأ على أراضي مقبرة الإسعاف واستمرًارًا بالقرار بإغلاق روضات للأطفال العرب في المدينة، كان بينهم جريمة قتل نكراء لشاب في العشرين من عمره واصابة لقاصر في الثالثة عشر من عمره، وهذا كله يحصل في فترة اقتصادية وسياسية حرجة والتي تأتي في فترة انتشار فيروس الكورونا والضربة الاقتصادية لكافة المواطنين وبشكل خاص المصالح التجارية في يافا الذين اعتادوا على وصول آلاف السائحين، وهذا متوقف في ظل الظروف الحاليّة، والذروة كانت عند اعلان دعاية المشروع الاستيطاني في يافا الذي يتفاخر بإنجازاته بجعل "يافا يهودية". 
 
وهنا يُطرح السؤال ما العلاقة بين كل هذه الاحداث وما هو التأثير التاريخي الذي سيكون على المجتمع الأصلاني العربي الفلسطيني في المدينة، وكيف سيتعامل مجتمعنا مع الوضع القائم.
 
للإجابة على السؤال اريد أن أبدأ من النهاية وأقول ان يافا ليست بخطر ولن تكون، يافا مرت بفترات أكثر صعوبة، وستعبر هذه الفترة أيضًا. ما هو بخطر هوية يافا العربية. ويوجد من يعتقد ان الهوية العربية ليافا اختفت منذ احتلالها عام 1948، لهؤلاء أقول أن فعلًا عام 1948 كان عام مفصلي وقاسي حوّل غالبية اليافويين الى لاجئين والمدينة تعرضت الى عملية السطو المسلح الأكبر في القرن العشرين، المهاجرون الجدد استولوا على البيوت والمصالح والمؤسسات والفنادق والاوقاف الإسلامية والبنوك وحتى الممتلكات الشخصية للاجئين.
 
مع ذلك، أهلنا وجداتنا وأجدادنا الذين بقوا وهم أقل من أربعة الاف شخص نجحوا رغم الظروف المأساوية أن يتعافوا ويبنوا من جديد المجتمع العربي الفلسطيني في المدينة. ومع إنجازات عديدة من تحرير مساجد، وشراء ممتلكات شخصية، وفتح مصالح ومتاجر عربية، ومؤسسات تعليمية، وأيضًا تنظيم سياسي عربي فلسطيني يعتز بهويته وتاريخه ولا يتنازل عن الثوابت، ولهؤلاء الغير منتبهين من المهم أن أقول انه غير مفهوم ضمنًا ان العشرين ألف فلسطيني يعيشون وحولهم 2 مليون يهودي وحتى الآن نجحنا بالحفاظ على هويتنا.
 
لكن في السنوات الأخيرة تسود ظاهرة اجتماعية مقلقة، التي تهددنا أكثر من أي شيء أخر،  وهي ظاهرة كانت شائعة عند الشعوب التي خضعت لاستعمار او احتلال، وهي ما يسمى بالاحتلال الثقافي، أي أن الشعب الواقع تحت الاحتلال يصبح يرى بثقافة المُحتل على انها الأفضل ويجري تقليدها ولو بغير وعي لذلك. وهذا ما ينعكس في اللغة، واليوم أكثر من أي وقت مضى بإمكاننا ان نرى التراجع الملموس بمكانة لغتنا العربية، إذا كان ذلك بعدم وجود اللغة العربية في فضاءنا العام بمداخل المتاجر والحوانيت او في الجانب الشخصي بالرسائل بين الشباب تكون النصوص عربية ولكن بأحرف عبرية، والاسوأ من كل ذلك أن هنالك البعض وصلوا الى مرحلة لا يتحدثون اللغة العربيّة بتاتًا.
 
هذا التغيير لم يحصل بين ليلة وضحاها، انما هي عملية تغيير تدريجية تحتاج الى سنوات عدة، ومن الممكن ان تحصل تغييرات صغيرة بدون ان ننتبه اليها. مثل أهالي الطلاب الذين يفضلون مؤسسات تعليمية يهودية بدلًا من المؤسسات التعليمية العربية الموجودة في المدينة، اذا كانوا الأهالي في السابق يعدون للألف قبل اتخاذ مثل هذه الخطوات اما اليوم فالمئات من طلابنا يتعلمون في المؤسسات التعليمية اليهودية، واذا كانت في السابق ظاهرة ادخال كلمات عبرية في حديثنا فاليوم نتحدث العبرية وندخل بعض الكلمات العربيّة في حديثنا. 
 
ليس هدفي في هذا المقال أن أكون واعظًا أو أهاجم أحد، بل الهدف هو رفع هذا الموضوع ونقاشه بين عامة أهالي يافا، فمشروع تهويد المدينة الذي يظهر بمشاريع البلدية التي تهدف الى محو الهوية العربية للمدينة، أو ادخال يهود من الطبقة الغنية وهذا ما أدى الى ارتفاع الأسعار، وكما استمرار تشجيع هجرة يهودية هادئة الى البلد كمشروع استيطاني. فالتهويد يأتي ولو بدون ان الانتباه من العرب أنفسهم بالتخلي عن لغتهم واستعمال العبريّة عوضًا عنها، هذا اللغة التي حافظ عليها المجتمع اليافيّ منذ النكبة الى يومنا هذا، كما ووحدتنا كمجموعة قومية وساهمت في تطوير مؤسسات سياسية، دينية وتعليمية. 
 
في ظل ما ذكرت رسالتي هي أن اليوم أكثر من أي وقت مضى تقع علينا مسؤولية للعودة الى اللغة العربيّة، وأن نأخذ خطوات حقيقية وجدية في حياتنا اليومية. مثل أن نشجع شبابنا على كتابة الرسائل بالعربية (ولا بأس اذا كان هنالك بعض الأخطاء اللغوية في البداية، مع الوقت نتعلم)، وأن نعطي ملاحظات لأبنائنا وبناتنا عند ادخال كلمات عبرية في الحديث باللغة العربية. والأهم هو الحفاظ ودعم المؤسسات التعليمة العربية في المدينة وبالذات روضات الأطفال، فتعليم اللغة في سنوات الطفولة هو حاسم جداً مستقبلًا بمعرفة اللغة العربيّة واتقانها. ومن المهم علينا كمجتمع ان نعرف انه عند ارسال أبنائنا الى المؤسسات العبرية وفي حال أرادوا العودة الى المؤسسات العربية في مرحلة متقدمة ستكون لديهم صعوبة جدية في التأقلم هناك، وفي المستقبل سنكون شاهدين على اغلاق مدارس عربية بحجة انه لا يوجد عدد كافي من الطلاب. 
 
للتلخيص، علينا الانتباه ان الفرصة لا زالت قائمة وإذا كان مهم لنا الحفاظ على هويتنا ولغة ادياننا وهويتها العربية الفلسطينية ليافا التي نريد، تقع علينا مسؤولية ان نتخذ خطوات على المستويين الخاص والعام، فنحن لسنا بوضع طبيعي فيه الاختيار يتعلق فقط بماذا يريد كل شخص. فلا يمكن ان نتجاهل اننا نعيش بدولة تتعامل معنا كأعداء وكمواطنين غير شرعيين وتعمل بكل ما تستطيع على كافة المستويات، في يافا صراعنا من أجل الحفاظ على لغتنا لا يقل أهمية عن الصراع على الأرض والوطن.
 
 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
لا بد من احياء اللغه العربيه وجعلها تاج على راسنا
هدى - 08/07/2020
رد
2
تحياتي لك عبد كل كلامك ميه ميه
يافا - 08/07/2020
رد
3
كلام احلى من العسل بارك الله فيك
مهدي ابو جمال السعدي - 08/07/2020
رد
4
بارك الله فيك اخ عبد كلام من الصميم
הابو جمال السعدي - 08/07/2020
رد
5
بوركت اخي عبد القادر على هذه الحلقه التوعويه لشبابنا وشاباتنا فارجوا ان تكون لها اثر في نفوسهم
ام عربيه - 08/07/2020
رد
6
لغتنا العربيه اين هي؟ للاسف هذا ما يحصل اليوم لا لغه عربيه لا لكتابه ولا حتى للمحادثه واذا كتبت بالعربي سخروا منك لكن هيهات هيهات فاليسخر الجميع فأنا عن نفسي لا ارسل رساله لاي شخص معدود علينا في جملة العرب الا بالعربي حتى وان كان الرد بالحروف العبريه ههذا انا عربيه فلسطينيه وافتخر..
ام عربيه ام عربيه - 08/07/2020
رد
7
السلام عليكم بارك الله فيك ...اخي قد قلت كل ما في خاطري منذو زمن ....لا بد المحافظة على لغتنا العربية لغة الفصاحة لغة المصطفى لغة القران لغة اهل الجنة
أم يافوية - 08/07/2020
رد
8
حياك الله يا عبد . كلامك جواهر
خديجه - 08/07/2020
رد

تعليقات Facebook