اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال بعنوان "صدر القرار بالمقاطعة" بقلم: نزار حليوى


النشاط الاجتماعي والسياسي يحملان في طياتهما مركبات سلبية وايجابية , حيث يسعى كلٌ على حدى في تحقيق أهدافه الإصلاحية منها والفكرية أو العقائدية . والسعي هذا يُمارس من خلال اللعبة السياسية حيث يحمل كل ناشط فيها حمولته الفكرية والايدولوجيا ويحققها عمليا على أرض الواقع , وهناك تلتقي المصالح وتتعارض , وهذا أمر طبيعي فقد خُلق الإنسان على الاختلاف بالخلُق والخَلق.

وقد يخطأ البعض حين يظن أن اللعبة قواعدها بلا قواعد , أي أن القاعدة "إذا كنت لا تخشى عاقبة الليالي ولا تستحي فأفعل ما تشاءُ" , وهو مبدأ بلا شك مشوه وغير أخلاقي لأنه يتعارض مع الفطرة السليمة ويجعل الأفكار سلعة المآرب الخاصة بلا أدنى إحساس بالغير ,وأخلاقيات اللعبة النزيهة هي مبدأ "المصلحة العامة" حيث لا يمكن ترجيح مصالح الفرد على مصالح المجتمع وإلا فالمصير المحتم هو ديكتاتورية الرأي .

والمبدأ الثاني والذي يحقق النزاهة في الممارسة وينتج ما يصلح العباد هو الانتقال من طور المهاترات والشعارات إلى الرأي بالرأي والفكرة بالفكرة , وأن يقتصر الالتقاء والتعارض بالأفكار لا بالأشخاص , لأن الأفكار هي نتاج بشري تخطأ وتصيب وإذا واجهنا الفكرة بالفكرة وأتبعناها عملا أوجدنا البديل والحَكم هو الجمهور.

ولا تكتمل اللعبة إلا "بكلب الحراسة " وهو الإعلام , وسمي بكلب الحراسة لان الأصل فيه هو حماية قواعد اللعبة النزيهة في كشف المستور وعرض قضايا الجمهور ومتى فسد الإعلام فسدت السياسة ومتى فسدت السياسة غاص المجتمع بهلاك التشكيك والتخوين وإثارة الفتن .

للإعلام القوى الفتاكة في امتلاك وعي الجمهور حيث يعرض ما يشاء ويخفي ما يشاء , فقد مارس الحكام العرب تشويه الوعي الديني والسياسي من خلال أساليب ممكن أن تكون غير مباشرة مثل قطع فيلم ساقط أخلاقيا للإعلان عن حلول موعد الآذان أو ربط الناشطين السياسيين بعدم الاستقرار والتآمر على الوطن وبذالك حقق تشويه التدين الصحيح  وقضايا الشعب الشائكة حيث بات المتلقي لا يميز بين ما هو أخلاقي ومنتج وبين ما هو ساقط ومفسد . هناك نظرية في الإعلام تسمى "الخبز والتسلية" حيث تسعى وسائل الإعلام الموَجهة لشغل الناس ببرامج ومواد مسلية لا تفيد وتعمي بصيرته عن قضاياه المصيرية.

وكما ذكرت ان للعبة قواعد ومتى اخترقت هذه القواعد يجب ان تلاقى بما يصدها من أدوات ويصحح مسارها الطبيعي حين تخفق وإحدى هذه الأدوات هي المقاطعة وهي أكثرهم  تأثير على المُقاطَع لأنها تمتاز بسلميتها وهي أكثرهم كشفا عن حقيقة المقاطع , فمثلا استكبرت إسرائيل بعنتريتها على المقاطعة العالمية والمحلية لمنتجاتها ومؤسساتها واذ بها بعد فترة وجيزة تسنن قانون تغريم أي مؤسسة تدعو لمقاطعة منتجات المستوطنات أو الإعلان عن أفضل 100 جامعة لهذا العام حيث  سقطت كل الجامعات الإسرائيلية من قائمة أفضل 100 جامعة وهي التي تصدرت القائمة بأربع جامعات وإذ بنا نجد اقرب جامعة للقائمة هي بالمرتبة 175  ومن أسباب ذلك هو المقاطعة العالمية للأكاديمية الإسرائيلية .

مقاطعة الإعلام من قِبل تيارات سياسية ليس جديداً على الساحة فقد استُخدم في مصر ما بعد الثورة , فها هي جماعة الإخوان المسلمين تصدر قراراً عن مجلس إرشادها  بتاريخ 6 بمقاطعة صحيفة "المصري اليوم" لأدائها  الإعلامي الذي لا يخدم المصلحة العامة بعد أن تورطت  بإشعال الوقيعة بين التيارات السياسية والجيش وبين المسلمين والأقباط بأحداث إمبابة وهي التي روجت لعلاقة تربط الإخوان بالجاسوس الإسرائيلي . ولحقتها بعد ذلك مقاطعة بعض الشخصيات اليسارية الإعلامي المصري عمرو أديب الذي أشعل فتنة بين مصر والجزائر وما ترتب عليها من أحداث بطولة كأس أفريقيا وهو الذي كشف صور عارية لنجلة المرشح للرئاسة محمد البرادعي .

لا شك أن على الإعلام مهمة صعبة وهي التعبير عن نبض الشارع ,تطلعاته وقضاياه الشائكة في مقارعة المؤسسات وأصحاب النفوذ ومتى افتقدها وأصبح مطية بأيدي رجال الإعمال ممن يرجح مصلحته على مصلحة المجتمع , حينها يفقد الشارع صوته ويصبح كالقطيع تشغله أخبار فيفي عبده ورأي حنان ترك بالحجاب أو رأي الهام شاهين بمحاكمة مبارك أو القضايا الطائفية وتسفيه الشرفاء والنيل منهم .

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
ممتاز وراقي مقال علا اعلا مستوه استمر واكثر
زهره - 11/09/2011
رد
2
إذا لم تستح ففعل ما شئت مقالة ممتازة وفي معانيها الدر كلمنٌ فهل سألت البحر عن صدفاتي؟!!وماذا بعد هذه الكلمات يا ..... و ....... و ......... فهنالك من يدافع عن منبر ...بعد؟!!!!! يلي اختشوا ماتوا
محمود - 10/09/2011
رد
3
كلمات في الصميم قد نسيت ان تذكر أخبار تافه أيضًا يتم ذكرها في موقع ... وهي شتائم التعليقات واخبار زوجتي لم اجد زوجة أفضل منها ومصرع كلب أثر إطلاق نار عليه وأخبار مخزية كثرة .... وبعد هذا وغيره هنالك من المشايخ من أخذ يدافع بالزجاج والحجارة في تأييد هذا المنبر الفاسد
أبو عبد الله - 10/09/2011
رد
4
مقال اكثر من رائع ومزيداً من هذه الدرر الفكريه حبذ لو كل من يعتبر نفسه مثقف واجتماعي ان يقراء مثل هذه المقالات
ابو نجم الدين - 10/09/2011
رد

تعليقات Facebook