رغم تأكيدنا أكثر من مرة، في بياناتنا ومقالاتنا، أن "داعش" ما دامت على ما هي عليه فنحن نخالفها في فكرها وسلوكها، ونرى فيها عقبة في طريق المشروع الإسلامي، إلا أن بعض (فطاحل!!) الإعلام العبري يحاولون الادعاء –عن سبق إصرار– أن كل من يصرح موقنًا بعودة الخلافة على منهاج النبوة فهو من "داعش". وهم بذلك يحاولون تضليل الناس، لأن "عودة الخلافة" على منهاج النبوة ليس مشروعًا خاصًا بـ"داعش" ولا بأية جماعة أو حركة على وجه الأرض، بل هو من المبشرات النبوية الثابتة. وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ("تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًّا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبريًا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة"، ثم سكت).
ومن الواضح لكل حر عاقل أننا الآن في أواخر مرحلة "المُلك الجبري"، وقد أوشك أن يزول غير مأسوف عليه. وهذا يعني أننا على أبواب مرحلة (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)، وستكون عاصمتها القدس المباركة. وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام...)، ومن الواضح لكل حر عاقل أن المقصود بهذا التعبير (الأرض المقدسة) القدس المباركة وما حولها، ومع هذا الوضوح الذي لا ريب فيه فإن هؤلاء (الفطاحل!!) من الإعلام العبري يصرون على إشاعة هذا التضليل الرخيص –عن سبق إصرار– ووسم كل من يصرح بقرب "عودة الخلافة" على منهاج النبوة أنه من "داعش"، وهم بذلك يحاولون فرض خيارين فقط على الناس، كلاهما مرفوض؛ فإما أن يختار أحدنا خيار التصريح موقنًا بعودة الخلافة على منهاج النبوة، وهو بذلك من "داعش"، وإما أن يتبرأ من يقينه بعودة الخلافة على منهاج النبوة حتى لا يكون من "داعش"!! ومن الواضح لكل حر عاقل أن كلا الخيارين مرفوض، فنحن لسنا مع "داعش"، ونرى فيها عقبة في طريق المشروع الإسلامي، ونعلن في نفس الوقت جهارًا نهارًا موقنين أننا على أبواب "عودة الخلافة" على منهاج النبوة، ليس لأن ذلك من برامج الحركة الإسلامية، التي يشرفني الانتماء إليها، بل لأنه من المبشرات النبوية الثابتة التي ستكون، والتي لا ريب فيها. وهذا يعني أن كل مسلم يفقه ماذا يعني انتماؤه إلى الإسلام يصرح بلا تلعثم موقنًا بعودة الخلافة على منهاج النبوة، لأن هذا اليقين هو جزء من يقينه بالأحاديث النبوية، التي تعتبر المصدر الثاني للإسلام بعد القرآن الكريم. ولذلك يجب أن يكون الأمر واضحًا بهذا الوضوح، سيما وأن وسائل إعلامية أخرى قد تكون فلسطينية أو عربية أو أجنبية تلتقي بجهودها مع جهود هؤلاء (الفطاحل!!) من الإعلام العبري في هذا التضليل الرخيص. ولا أدري هل هو عن توافق مسبق من هذه الوسائل الإعلامية مع هؤلاء (الفطاحل!!) من الإعلام العبري، أم هي مجرد صدفة عابرة؟!
وعلى سبيل المثال حاولت المذيعة، التي أدارت حوارًا معي في برنامج "بلا قيود" في قناة (بي بي سي) البريطانية الناطقة باللغة العربية، والذي سُجّل يوم الأربعاء الموافق 2015/4/1 تمام الساعة الثامنة ليلًا، حاولت أن تفرض عليّ أحد خيارين: إما أن نؤيد قيام خلافة إسلامية، وهذا يعني أننا مع "داعش"، أو أن نعارض قيام خلافة إسلامية حتى لا نكون مع "داعش"!! فقلت لها في مجمل حديثي: نحن ندعو إلى قيام خلافة إسلامية، ولسنا مع "داعش"، ونختلف مع "داعش" في فكرها وممارساتها، ونرى فيها عقبة في طريق المشروع الإسلامي، ولا ندعو إلى قيام خلافة إسلامية لأن هذا ما هو رأي خاص بالحركة الإسلامية ولا برنامج عمل خاص بها، بل ندعو إلى قيام هذه الخلافة لأن ذلك من مقتضيات انتمائنا إلى الإسلام، فكل مسلم يعي بفهم راشد معنى انتمائه إلى الإسلام، فإنه تلقائيًا يدعو إلى قيام هذه الخلافة. وهذا أبو بكر الصديق كان الخليفة الأول، وهذا عمر بن الخطاب كان الخليفة الثاني، وهذا عثمان بن عفان كان الخليفة الثالث، وهذا علي بن أبي طالب كان الخليفة الرابع، ولم يكن أي واحد منهم رضي الله عنهم من "داعش"!!
وعلى سبيل المثال هذا أحد الكتاب في صحيفة "العرب اليوم" الأردنية ويُدعى (د. موفق محادين) نشر مقالة في تاريخ 2015/7/7 في هذه الصحيفة قال فيها: (... لم يعد سرًا أيضًا أن الشيخ رائد صلاح هو الذي ينظم موجات "المجاهدين" من فلسطين المحتلة، ليس ضد العدو الصهيوني بطبيعة الحال، بل من أجل إرسالهم إلى سورية، وسط صمت إن لم نقل دعم الجماعات الإسرائيلية المعنية...)، وبغض النظر عما في هذه الكلمات من افتراء قبيح، إلا أنها تصب في نفس محاولات هؤلاء (الفطاحل!!) من الإعلام العبري!! فهذا الكاتب يريد –هكذا بجرة قلم– أن يفرض علاقة وهمية بين الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني (48) وبين "داعش" في سوريا، رغم أن كل قارئ عادي يعرف ما هو موقف الحركة الإسلامية من "داعش"، كما أكدت ذلك في بياناتها ومقالاتها.
وهذا هو الكاتب عباس الزين كتب في "وطن الأنباء" من ضمن مقالة له ما يلي: (وتشير المعلومات الواردة من الداخل الفلسطيني إلى أن الحركة التي يتزعمها رائد صلاح تجند الشباب الفلسطيني عبر تحريضهم على الذهاب إلى سوريا تحت مسمى الجهاد ضد أعداء الإسلام...)، وبغض النظر عما في هذه الكلمات من ادعاء باطل، وبغض النظر عما في هذه المقالة من جهالة مكشوفة، إلى درجة أن كاتبها (الزين) لا يزال يعتقد أن "إيهود باراك" لا يزال هو رئيس حزب العمل، إلا أن هذه المقالة تريد أن تفرض وجود علاقة وهمية بين "داعش" في سوريا وبين الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، وهي بذلك تلتقي مع جهود هؤلاء (الفطاحل!!) من الإعلام العبري، التي تريد أن تجبرنا على إعلان البراءة من يقيننا بعودة الخلافة على منهاج النبوة وإلا تتهمنا أننا من "داعش". وهكذا تعود هذه المحاولة على نفسها بداية من هؤلاء (الفطاحل!!) من الإعلام العبري ومرورًا بمذيعة قناة (بي بي سي) ووصولًا إلى أحد كتاب صحيفة (العرب اليوم) الأردنية ووقوفًا عند مقالة عباس الزين في (وطن للأنباء)، وكأن هناك محاولة لتحويل إعلان الواحد منا عن يقينه (بقيام خلافة إسلامية على منهاج النبوة) إلى تهمة، من خلال ربطه ربطًا تعسفيًا مستهجنًا مع "داعش". والأغرب من كل ما ورد أن نجد بعض الأقلام في الداخل الفلسطيني تعرّف نفسها أنها من أنصار حرية التعبير والداعين إلى أدب الحوار الفكري؛ ولكنها تريد أن تصادر من الحركة الإسلامية حقها الطبيعي بالإعلان عن قناعاتها، التي صَرَّحت بها، مؤكدة أننا على أبواب خلافة راشدة على منهاج النبوة.
ولا أدري لماذا باتت هذه القناعات تزعج تلك الأقلام وتدفعها إلى التجني على الحركة الإسلامية والغمز بها! ولا أدري هل أصبحت الدعوة إلى مناصرة آفة الشذوذ الجنسي هي محل افتخار عند البعض، وأصبح التصريح بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ما تعاب عليه الحركة الإسلامية؟!
أي انقلاب في الموازين والقيم والثوابت؟! وكأن المطلوب منا هو الصمت ثم الصمت ثم الصمت!! وكأن المطلوب منا هو النوم ثم النوم ثم النوم!! وكأن المطلوب منا هو التنكر لهويتنا الإسلامية ذات الأبعاد العربية والفلسطينية، والرضوخ لواقع الحال المأساوي الذي لا تزال تئن منه الأمة المسلمة والعالم العربي والشعب الفلسطيني، وترداد قول الشاعر:
ناموا ولا تستيقظوا.. ما فاز إلا النُوَّمُ
...
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]