نتنياهو وحصاد الغرور المحلي
لقد ظن نتنياهو أن الشعب الفلسطيني لا يزال كما كان عليه عند بدايات نكبة فلسطين، ما هو إلا عدد بلا عدة ولا عتاد ولا إرادة ولا مقاومة، وهذا يعني أن الأمر لا يحتاج إلى أكثر من ساعات في حسابات نتنياهو حتى يجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يقهر قطاع غزة، وينزع سلاح المقاومة الفلسطينية المنزرعة فيها ويدمر شبكة الأنفاق التي جعلت من غزة العزة غزتين؛ غزة التي نراها وهي فوق الأرض، وغزة التي لا نراها وهي تحت الأرض. ولأنه لا يوجد على وجه الأرض من هو أشد غرورًا من نتنياهو حتى يصلح أن يُضرب به المثل بالغرور، فقد دفع غرور نتنياهو المجتمع الإسرائيلي وجيش الاحتلال الإسرائيلي إلى (محرقة) على أبواب غزة المقاومة ما كانت متوقعة في أسوأ أحلام نتنياهو. وها هو المجتمع الإسرائيلي وجيش الاحتلال الإسرائيلي بات يَصْلى لظاها على صعيد محلي وعالمي، وقد تشتد عليه هذه المحرقة إذا ما أصر نتنياهو بدافع غروره على مواصلة شن هذه الحرب المجنونة على قطاع غزة التحدي، وسيزداد حصاد غرور نتنياهو في قادمات الأيام القريبة إذا لم يرجع عن غيّه ويتوقف عن تدمير غزة الصمود وقتل أطفالها ونسائها ومسنيها. وقد كثرت شواهد حصاد الغرور التي باتت تطارد نتنياهو حتى في مخدع نومه، حتى بات يقال إنه ما عاد يستطيع أن ينام. وهاكم بعض شواهد حصاد الغرور المحلي على سبيل المثال لا الحصر:
1. كشفت القناة العبرية الثانية أن ما نسبته 90% من الإسرائيليين سكان مستوطنات غلاف غزة غادروها مع بدء الحرب المجنونة على غزة الثبات، وفي نفس الوقت فقد انخفض معدل الغرف الفندقية المحجوزة في فنادق مدن جنوب ووسط البلاد منذ بدء هذه الحرب المجنونة بنسبة تصل إلى 40% في المدن الإسرائيلية المحاذية لغزة الشهامة، وهي نسبة قابلة للزيادة.
2. روى جندي إسرائيلي من لواء جولاني لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي "غانتس" ما رآه في كمين كتائب القسام في منطقة الشجاعية حيث قال: (أجواء غزة صعبة للغاية، رأينا قائد اللواء مضرجًا بدمائه، بترت ساقه أمام أعيننا، وضابط العمليات ونائب قائد اللواء قتلا، وقائد وحدة الاستخبارات العسكرية جراحه خطيرة، رأينا المقاتلين يخرجون من تحت الأرض، لا نعرف من أين جاءوا، تحركوا كالأشباح، يخرجون من فوهات الأنفاق دون اهتمام لدباباتنا وقوتنا... كل شيء أمام أعيننا، المشهد مليء بالدماء والأشلاء، الدمار أصاب الدبابات والجرافات، والإرباك طغى علينا، الجنود يصرخون، ذهلنا بالفعل، وبعد انتهاء المعركة لم نميز بين عناصرنا، لم نعرف من هو حي ومن هو ميت، ومن هو موجود أو مخطوف، ثم زحفنا بحثًا عن المصابين داخل الناقلة، الصورة قاسية للغاية، ولا تبارح ذهني، لا أنسى تلك اللحظات، زحفنا في الشارع بحثًا عن أشلاء).
3. اعترف العقيد والخبير العسكري الإسرائيلي "أفيغدور كهلاني" في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي أن المعارك التي يخوضها الجيش الإسرائيلي شرقي قطاع غزة لم يعرف لها الجيش الإسرائيلي مثيلًا على مر التاريخ؛ حيث قال : (المقاومة التي يبديها العدو في الشجاعية وشرق غزة فاجأتني... أحترم العقيدة القتالية لمقاتلي حماس الذين خاضوا تدريبات طوال الفترة الماضية وأعدوا أنفسهم جيدًا لهذه المواجهة، وهم يطبقون الشعار الذي ترفعه الحركة وهو الاستعداد للتضحية والفداء من أجل تحقيق الغاية).
4. اضطر الجيش الإسرائيلي لاعتقال عدد من جنوده للاشتباه بتسريبهم معلومات عن أعداد القتلى والمصابين بصفوف الجيش خلال شن حربه المجنونة على غزة المرابطة، بل إن هذا الجيش صادر الهواتف الخليوية من الجنود الذين يرسلهم للقتال في هذه الحرب المجنونة.
5. أكد خبراء إعلاميون إسرائيليون تراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي بوسائل إعلامه الرسمية، خصوصًا في ما يتعلق بخسائر الجيش خلال العدوان على غزة، مشيرين إلى أن المتحدثين باسم المقاومة الفلسطينية يتمتعون بمصداقية أعلى لدى الإسرائيليين.
6. قال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" العبرية "عاموس هرئيل" (... تسجل حماس انجازات ذات معنى، أهمها شل حركة الطيران في مطار بن غوريون، كما أنه لا ينبغي الاستخفاف بالأضرار الاقتصادية وبالتأثير النفسي للصواريخ والتي تواصل سقوطها طوال أسبوعين ونصف، دون موعد نهاية بائن للعين في اللحظة الراهنة... إذا كان شل حركة الطيران هو تطور مقلق، فالأنفاق الهجومية لا تقل عن ذلك خطورة، وحماس رغم أنها تنظيم صغير بالنسبة لقوة إسرائيل الهائلة إلا أنها أعدت لنا مفاجآت كبيرة... ويتضح أن حماس أعدت خطة قاتلة لليوم الذي تصدر فيه الأوامر...).
7. قال "حاييم يلين" رئيس المجلس الإقليمي "إشكول" الواقع بمحاذاة الشريط الحدودي مع قطاع غزة الشامخة: (إنه ومنذ الحرب على غزة في نهاية العام 2008 وبداية العام 2009 انضم أربعة آلاف ساكن جديد إلى "إشكول"، لكن يوجد تخوف الآن من أن السكان الجدد لن يعودوا والسكان القدامى لن يثبتوا في المكان. وأضاف أن هناك تخوفًا آخر وهو: انخفاض مستوى المناعة بصورة كبيرة، وكل ما بنيناه طوال سنين سينهار، ويوجد تخوف من عدم إزالة تهديد الأنفاق، وألا يصل الشبان والعائلات الجديدة إلى هنا وأن تصبح المنطقة مشلولة...).
8. ذكر المعلق السياسي في القناة العبرية الثانية "تشيكو منشه" أنه لا خلاف على أن حركة حماس حققت نصرًا مهمًا في الوعي، حيث أنها نجحت في إغلاق سماء إسرائيل أمام الطيران الأجنبي... وأضاف "منشه" أن آلاف الإسرائيليين تقطعت بهم السبل حاليًا وباتوا عالقين في عواصم العالم لعدم وجود شركات طيران مستعدة للتوجه لإسرائيل...).
9. أكد المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية "ناحوم بارنيع" أن عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي قد تحول إلى إنجاز بالنسبة لحركة حماس، وهو أمر سيء بالنسبة لإسرائيل، وأن تقدم القوات البرية الإسرائيلية إلى عمق القطاع وداخل المناطق المأهولة بالسكان قد يكبد الجيش الإسرائيلي مزيدًا من الخسائر.
10. قالت القناة العاشرة العبرية يوم الأربعاء الموافق 2014/7/23 إن قيادة الجيش الإسرائيلي اضطرت إلى تسريح العشرات من الجنود الإسرائيليين وإعفائهم من الخدمة في صفوف الجيش على خلفية رفضهم القاطع لدخول قطاع غزة خشية القتل أو الاختطاف من قبل قوات المقاومة الفلسطينية.
11. وصف المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية "رون بن يشاي" اشتباكات ليلة 2014/7/20 على حدود قطاع غزة بأنها كانت انجازًا كبيرًا لحركة حماس، دون أن يفصح عن مدى الخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي في الأرواح!! وفي ذات السياق تحدث ضابط إسرائيلي كبير عن ضراوة اشتباكات تلك الليلة وأنها أوقعت خسائر فادحة في الجيش الإسرائيلي.
12. قال المحلل العسكري في صحيفة "معاريف" العبرية "يوسف ملمان" إن الجيش الإسرائيلي واجه مقاتلين جددا من حماس في حي الشجاعية لم يصطدم بهم من قبل في المواجهات السابقة، حيث لم تردعهم قوة النار والتفوق التكنولوجي للجيش الإسرائيلي.
13. هذا غيض من فيض، ولكن هل سيظل يقال بعد ذلك: جيش الاحتلال الإسرائيلي الجيش الذي لا يُقهر؟!!!
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]