
الاخوات والاخوة الكرام
سبق وأن حذَرنا من أبعاد نجاح اليمين المتطرف وعودته للسلطة، وطالبنا أهلنا في البلاد المشاركة الفاعلة وممارسة حقهم في التصويت. كان من لبى النداء بنسبة فاقت توقعات الاستطلاعات التي سبقت يوم الانتخاب (%55). ولكن ليت الرياح تسير بما تشتهي السفن فقد أخفق حزب التجمع الذي أصر على خوض الانتخابات وحيدًا بالرغم من كل التوقعات التي أكدت عدم إمكانيته مرور نسبة الحسم، وهنا نشير الى أنه بالرغم من حصول الحزب على كم هائل من الأصوات (13800) إلا أنها باتت لا تجدي نفعا لتحقيق الهدف وهو دخول التجمع للكنيست القادم ومعه حزب ميرتس اليساري الذي أخفق أيضا بعبور نسبة الحسم رغم قربه الكبير منها. وكانت النتيجة سيطرة اليمين المتطرف على الحكم بالكامل وقدرته على تشكيل حكومة يمينية الأخطر منذ زمن بعيد بشكل عام وخصوصا بما يتعلق بالأقليات، وخاصة العرب الفلسطينيون في البلاد. هل نحن مدركون مدى خطورة الوضع؟
هناك قضايا ملحة وكثيرة تقلق مضاجع المجتمع العربي في البلاد عامة، بداية نضع قضية الجريمة والعنف المستشري بيننا. القوانين الجائرة بحق المواطن العربي في البلاد. القرى الغير معترف بها في النقب، وقرارات الهدم والاخلاء ضد ألاف العائلات في الوسط العربي والحملة المسعورة على أهلنا في النقب وتسليط الضوء عليهم والتحريض الارعن ضدهم. هذا اليمين المتطرف الذي وصلت به الوقاحة لان يبدي خوفه من الرحم العربي. ونضيف الى ما ذكر أعلاه قضية العرب في المدن الساحلية المختلطة والمستهدفة منذ زمن، ولكن أحداث أيار من العام المنصرم زادت من حدة التحريض ضدنا بل وتشير بالبنان كل صباح ومساء الى خطورة الوضع في هذه المدن، وإمكانية عودة الاحداث العنيفة فيها مرة أخرى كردة فعل لما يحدث في القدس والأراضي المحتلة.
ما هي إلا أسابيع قليلة سيتم خلالها بتشكيل حكومة يمينية متطرفة برئاسة بيبي نتنياهو، سيكون فيها كل من بن جبير وسموطريش وزراء بمناصب حساسة سيكون لها الأثر الكبير علينا وخاصة ملف الامن الداخلي المفقود منذ زمن بعيد. فالمواطن العربي في البلاد فقد الامن الشخصي له ولعائلته ليس فقط في الشارع بل وفي البيوت التي تتعرض لوابل من الرصاص الذي يخترق جدران ونوافذ البيوت والمحلات.
وهذا غيض من فيض.
تطالعنا الصحف اليومية عن إمكانية تحقيق حلم اليمين منذ زمن بسن قانون (פיסקת ההתגברות) بما معناه فقرة التغلَب أو تجاوز المحكمة العليا ومنعها من التدخَل وابطال قوانين جائرة بحق الأقليات. في حال قامت هذه الحكومة بسن قانون بدعم 61 عضوًا لا يمكن للمحكمة العليا البت فيه والغاءه. كما وتستطيع هذه الحكومة إلغاء أي قانون لا يروق لها. ملخص الحديث أن قضية فصل السلطات بين السلطة التشريعية والتنفيذية بات مهددًا ومعه النظام الديمقراطي العادل. ناهيك عن إمكانية ما سبق وطرح بموضوع تكريس الاحتلال وفرض نظام الفصل العنصري ضد أهلنا في الأراضي المحتلة والقدس الشريف. ومن شأن الوضع الجديد أن يغيَر المعادلة بخصوص الوضع القائم في المسجد الأقصى واستباحة دخول قطعان المستوطنين اليه. ومحاولة فرض حالة جديدة تشبه ما هو قائم في الحرم الابراهيمي في الخليل. أضف الى ذلك تسخين الوضع في الملف الإيراني أيضًا.
الوضع الجديد يحتم علينا كمجتمع وقيادة توخي الحظر والاستعداد لمواجهة هذه المرحلة التي قد تكون الأخطر في حياة مجتمعنا العربي في البلاد منذ النكبة. لا بد من رأب الصدع وتحسين أداء القيادة لمواجهة المرحلة.
عبد القادر سطل
يافا 7.11.2022
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]