اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال بعنوان "الله يسامحك" بقلم الشيخ: محمد نضال محاميد

http://www.yaffa48.com/site/online/2010/12/m7amed.JPG


ما أكمل تلك القيّم القرآنية التي تحث على العفو والتسامح وما أجمل السُنة النبوية التي تأمر بالرحمة والمودة، فهيهات لو كل بني أدم تربوا على مائدة ذو الخلق العظيم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعم في أرجاء الكون الصلاح والسكون وحلت البركة والخيرات، ولو كل عين رصدت السيرة النبوية العطرة لأدرك البشر كلهم أن الإسلام هو الرحمة والعدالة، لن أخوض بالحديث عن السيرة الطاهرة لأن مجرد الحديث عنها يتطلب إعداد المؤلفات والمجلدات ولكني سأسلط بقعة ضوء على حدث واحد فيها ليعلم الناس كلهم كيفية ملاقاة خصومهم بالمحبة والعطف بدل من الكراهية والضعف.

فهذا المشهد العظيم كان حينما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا على رأس عشرة ألاف مجاهد من الصحابة رضوان الله عليهم بعد سنوات من الهجرة إلى المدينة المنورة التي عقبت تعذيب طغاة قريش للمسلمين والتضييق عليهم وقتلهم وتشريدهم وملاحقتهم، فصاح أحد الصحابة عند الفتح كما جاء في رواية سعد بن عبادة وقال: "اليوم يوم الملحمة" فأعترضه القائد القدوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "بل قل: اليوم يوم الرحمة"، فجمع من كانوا بالأمس جلاديه وله التمكين اليوم وخاطبهم بحلم وسعة صدر قائلا: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" فلم يحقد عليهم ولم يسفك دماءهم وما علق المشانق لهم بالرغم من اضطهادهم الذي عاناه وأصحابه الكرام، فبالصفح والعفو عند المقدرة وكظم الغيظ آلف بين قلوبهم وكسبها حينما حاربهم بالحب وبهم شد أزر دولة الإسلام التي ساندوها بإخلاص وساهموا بإرساء أعمدتها في كل مكان وطأته أقدامهم.

فالأمة بحاجة إلى مراجعة سيرة إمامها إمام الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم، وتطبيق تعليماته الإصلاحية في كافة مناحي حياتها من أهم الأمور إلى أدنى واقع الحياة، فلو استبدل الفرد منا العفو والتسامح بدلا من الثأر والانتقام لرحل عنا العنف وحقنت الدماء المهدورة، ولو لجأ الزوجين إلى العفو والتسامح لاستقرت الكثير من الأسر المشتتة بسبب الطلاق والفراق، ولو عاشت العائلات على معاني العفو والتسامح لتساقطت الخلافات وما قطع الرحم أبدا، ولو عاشت الأمة بأسرها على عقيدة التسامح والعفو عند المقدرة لرأب صدعها وجبر كسرها وقوي عودها وأشتد ساعدها.

فالتسامح هو سر تماسك المجتمع القويم وما أعظم عباراته كالله يسامحك هذه العبارة التي تعاني من خطر الانقراض من قاموس مجتمعنا، هذه العبارة التي تسكن في قلوب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والمنطلقة من شفاه لا تنس ذكر الله، الله يسامحك تدل على تواضعك أمام الله الجبار أولا وسائر خلقه ثانيا، الله يسامحك هي مفتاح الصلح والمودة، الله يسامحك تحقن فيها دماء ستهدر وتحفظ أسر ستدمر، الله يسامحك لا تعني الضعف أبدا إنما تعني العفو عند المقدرة وصلابة الارتباط بالله، الله يسامحك قلها ولن تخسر شيء أبدا إنما ستفوز بالدنيا والآخرة بإذن الله رب العالمين.

 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
إنطلاقة قلمك ...تعبر عن ألمك إنها إحدى المقالات التي أحببتها ...إنطلق فأعدك بأن تجوب بحرها وشاطئها وسمائها ...عربية أبية وفلسطينية القومية ...مهذبة المخاطبة ...وعذبة ورطبة ...إملأ كأسها من بلسمك ...وإروي بها أرض بلدك...
سالم السطل - 16/04/2012
رد
2
بارك الله فيك شيخ محمد مقال رائع وموضوع مهم جدا
ايات - 16/04/2012
رد

تعليقات Facebook