اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال بعنوان "الأرض" بقلم الشيخ: سعيد سطل "أبو سليمان"

http://www.yaffa48.com/site/online/persons/sa3idsatel.JPG


الإنسان تربطه بالأرض علاقةٌ متينة وحميمة , علاقة قُربى ومودة , فهو جزءٌ منها , مخلوقٌ من طينها , كما قال تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين , تعطيه ويعطيها بينهما عطاءٌ متبادل , الإنسان يضربٌ فيها, يسعى في مناكبها , يبني ويعمّّّّر , ويشيع الخير في أرجائها , يحافظ عليها , ويدافع عنها , ويبذل النفس والنفيس في سبيلها,

وعطاؤها هي للإنسان لا حدود له , تجود عليه بكل ما أودعه الله فيها من خيرات ,كل ما فيها من خيرات مسخرٌٌ للإنسان , الأرض أعدها الله للإنسان قبل أن يخلق الإنسان , أعدها إعدادا يلبي كل متطلباته, وجميع احتياجاته , على ظهرها يحي وفي بطنها يُدفن ومنها يبعث, قال تعالى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى , الله عز وجل بيّن علّة خلق الإنسان على هذه الأرض فقال : وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون , كذلك حدّد وظيفة الإنسان في هذه الأرض بقوله : هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها , استعمركم أي طلب منكم إعمارها , فوظيفة الإنسان هي إعمار الأرض من بناء البيوت والعمارات وشق الشوارع والطرقات , وإقامة المصانع والمزارع  وإنشاء  المدارس والمستشفيات وما إلى ذلك , هذا المعنى اللغوي والقرآني لكلمة استعمار , وهناك معنى سياسي لكلمة استعمار, وهو أن تأتي قوّةٌ غاشمة من وراء البحار تحتل أرضا ليست لها لتستولي على خيراتها وتقهر وتستعبد أهلها.

مثل ما فعل الاستعمار البريطاني والفرنسي والايطالي والبرتغالي, هؤلاء نهبوا ثروات وخيرات البلاد التي استعمروها ردحا من الزمن , ثم أرغموا على الرحيل عنها بالكفاح المسلّح , العالم اليوم يواجه استعمارا مختلفا عن سابقه , استعمارا أكثر طمعا وأكثر وحشيّة , يحتل ارض الغير بالقوّة , يقتل ويعتقل ويأسر ويطرد ويشرّد ويهدم ويدمّر , يسلب الأرض والممتلكات وينهب الثروات ويمارس أبشع أنواع الظلم ,هذا النوع من الاستعمار تتزعمه أمريكا وإسرائيل , ولو استعرضنا خريطة العالم العربي والإسلامي لوجدنا أن غالبية الدول العربية مستعمره لأمريكا وإسرائيل , جميعها خاضعة للاملاءات الأمريكية والإسرائيلية خضوعاً طوعياً, أي استعمار بالتراضي بين الإطراف , وهذا يجعل الطرف المستعمَر(العرب) فاقدا للحرية والاستقلال لا يملك الإرادة والقرار , الذي يقرر مستقبل ومصير الدول والشعوب العربية هو أمريكا وإسرائيل , وهذا يفسر لنا استمرار الحصار على غزه الذي مضى عليه نحو خمس سنين , ويفسر لنا نفاذُ الوقود وتوقف محطة الكهرباء عن العمل ,وما ينتج عنه من أضرار ماديه ومعنوية لأهل غزه على كافة الأصعدة.

يحصل ذلك أمام أنظار فاقدي الإرادة والقرار , أمام من جعل الله بلدانهم تعوم فوق بحار من الوقود ,  هذا يفسر لنا معاناة الأسرى الفلسطينيين الذين يقبعون في سجون الاحتلال  عشرات السنين , ومعاناة ذويهم الذين ينتظرون الإفراج عنهم , وهذا يفسر لنا الاستيلاء على الأراضي العربية في الضفّة الغربية , وبناء المستوطنات عليها , واعتداءات المستوطنين المتكررة على الفلسطينيين ومزارعهم وممتلكاتهم , والاعتداءات على المساجد والمقابر,  وما يخطط ويدبر في العلن للمسجد الأقصى أمام صمت عربي رهيب , والإسلام في أدبياته حدثنا عن التضامن , والتضامن معناه التعاون والتكافل والتناصر والتناصح وإغاثة الملهوف , حدثنا عن التحابب والتراحُم والتعاطف , يقول الله عز وجل والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر , ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمى , هذه الأدبيات إذا لم تترجم إلى سلوك وممارسه وأخلاق , إذا لم تترجم إلى عمل في واقع الحياة , تظل حبرا على ورق لا جدوى ولا فائدة منها , ويأتي يوم الأرض للتعبير عن رفض ممارسة التهجير والتهويد ومصادرة ألأراضي العربية , ويقتصر إحياء يوم الأرض على مسيرات شعبيه هنا وهناك , تختتم بمهرجانات خطابيه  ثم ينفضّ الجمع ويذهب كل إلى حال سبيله , ثم تعود الحياة إلى روتينها المعهود حتى العام القابل , يمكن القول أن إحياء يوم الأرض على هذا النمط هو اضعف الإيمان , نتمنى أن يُتوّج يوم الأرض هذا العام بإتمام ألمصالحه بين فتح وحماس , وبين شقي الحركة الإسلامية الشمالية والجنوبية , وان تُزال الخلافات  بين الأفرقاء في يافا من اجل يافا وأهل يافا.

بقي أن نقول لأهل غزه الأعزاء , وللأسرى الشرفاء , ليس للمستضعفين في الأرض إلا رب العالمين , هو ملاذهم ومفرّج كربهم , وان النصر مع الصبر , وان الفرج مع الكرب , وان مع العسر يسرا.

سعيد سطل أبو سليمان    
28 / 3 / 2012 يافا

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
الارض بالتاكيد الارض بتتكلم عربى واتعزو فى كلام الله من الشيخ ابو سليمان حياك الله بتحية السلام ابو سليمان
ايوب الكردى - 02/04/2012
رد

تعليقات Facebook