اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

كيف نحضر أبناءنا نفسيًا للعودة الى المدارس؟

 
بقلم: عائشة نجار.
 
لا بد أن الجانب النفسي جزء هام لا بد من مراعاته مع بداية السنة الدراسية، فالمشاعر المتخبطة للطلاب والأهل على السواء، يمكن أن تؤدي إلى نجاح كبير أو فشل ذريع إذا ما تعامل معها الأهالي بهذا الأسلوب أو ذاك.
 
تقول المعالجة العاطفية أماني جبارين، في لقاء مع صحيفة “المدينة” في هذا السياق: “إن التهيئة النفسية للعودة إلى مقاعد الدراسة هي درهم الوقاية وهي خير من ألف علاج. كما أن معظم الآباء يهتمون بوقاية أبنائهم من الأمراض الجسدية ومنحهم التطعيمات اللازمة، فكذلك الأمر بالنسبة للوقاية النفسية قبل وقوع الضرر”.
 
وتؤكد أن التهيئة النفسية هامة لكل الأجيال “على خلاف ما يظنه بعض الناس بأن التهيئة النفسية تقتصر فقط على أبنائنا المترفعين إلى الصفوف الأوائل، بل إن جميع الأبناء بجميع الشرائح العمرية بحاجة ماسة إلى هذه التهيئة النفسية. يعود الطلاب إلى مقاعد الدراسة بعد غياب شهرين متتاليين. فمنهم من تكون هذه تجربته الأولى على مقاعد الدراسة أو “شبه الأولى” بسبب الانقطاع الطويل بسبب جائحة الكورونا. مع بداية العام الدراسي ينتقل الطلاب إلى صفوف جديدة حيث يدرسون على يد معلمين جدد”.
 
كما أكدت أن كل هذه التغييرات مع التقييدات التي سببتها جائحة الكورونا من لبس الكمامات وإلغاء استراحات اللعب والقلق المستمر من الإصابة بالكورونا التي ستؤدي إلى الحجر المنزلي وربما العودة للتعلم عن بعد كفيلة بأن تسبب ضغط نفسي للطلاب والاباء.
 
وتؤكد جبارين، الدور الاساسي للأهالي في تكوين مشاعر أبنائهم “يجب بداية على الآباء أن يكونوا متجهزين نفسيا لعودة أبنائهم لمقاعد الدراسة عما قريب وما يتبع ذلك من مسؤوليات لتوفير البيئة الداعمة والمتقبلة لأبنائهم. من الأخطاء الشائعة التي ربما يقع فيها بعض الأهالي بقولهم مثلا “الحمد لله المدرسة قربت وبدنا نرتاح شوي منكم”، أو مثلا “وينتا تيجي المدرسة ونرتاح شوي منكم”. مثل هذه المقولات والتي تذكر على مسمع من الأبناء تعطي الأبناء شعورًا سيئًا تجاه العبء الذي يشكله الأبناء لدى أبائهم وفي الوقت ذاته يمكن لهذه المقولات أن تخلق لدى الأبناء شعورًا لا واعيًا بكره العودة إلى المدرسة والنفور منها. لذلك من الأهمية بمكان تشجيع الأبناء للعودة إلى المدرسة عن طريق الحديث بإيجابية عن المدرسة وترغيبهم بها، مثلا “واو، قربت ترجع على المدرسة وتلتقي بأصحابك كمان مرة”، “مش قادرة أنتظر اللحظة إلي راح ترجع فيها على المدرسة مشان تتعلم وتعلمني معك أشياء جديدة”، أو غير ذلك من المقولات المشجعة وإضفاء الإيجابية”.
 
إلا أن “الحديث بإيجابية عن العودة إلى المدارسة والجمل التشجيعية لا تنفي الاستماع إلى تخوفات الأبناء، ومما يقع به بعض الآباء هو محاولتهم إسكات هذه الأفكار أو المخاوف التي يحملها الأبناء قبل العودة إلى مقاعد الدراسة. على الأهل الحديث والحوار مع أبنائهم حول هذه المشاعر وتقبلها واحتوائها ومحاولة معالجتها وإيجاد الحلول لها بدلا من التغاضي عنها أو دفنها. مثل هذه الحوارات يفضل أن يبدأ بها الآباء قبل أسبوع على الأقل من العودة إلى مقاعد الدراسة ويجب تكرار هذا الحوار حتى نتأكد من جهوزية أبنائنا”.
 
ووجهت جبارين، بعض النصائح للأهالي حول الاستعداد النفسي للعودة الى المدرسة “بعض الطرق التي تساعد بالاستعداد النفسي، بناء برنامج يومي، خلال الأسبوع أو الأسبوعين ما قبل العودة، يبدأ فيه الأبناء بالنوم باكرا والاستيقاظ باكرا وقراءة بعض الكتب أو القصص. كذلك الأمر يمكن إضافة لوحة شبيهة بالرزنامة يتم وضع فيها علامة على كل يوم يمضي وعدّ الأيام المتبقية للعودة. ويفضل إشراك الأبناء بشراء الكتب المدرسية والقرطاسية لما فيها مساهمة في التجهيز النفسي للعودة. وفي الختام من المهم التنويه إلى أن التهيئة النفسية لا تلغي إمكانية مواجهة أبنائنا صعوبات بعودتهم إلى مقاعد الدراسة، ولكنها تساعدهم على التأقلم بشكل أفضل ويكفي معرفتهم أن هناك من يدعمهم ويتفهمهم”.
 
في ذات السياق، أكدت المختصة النفسية سندس جبارين، من قسم الصحة النفسية في بلدية أم الفحم، أهمية العناية بالجانب النفسي للتحضر للسنة الدراسية الجديدة: “تعتبر السنة الدراسية الجديدة محطة مهمة لكل الطلاب والاسر. وأعتقد أنه من المهم أن يتم تحضير الأبناء نفسيًا وجسديًا لهذه المرحلة الهامة. فالوالدان لهما دور أساسي بهذا الموضوع، إذ أن الأبناء في هذا السن يحتاجون إلى من يرشدهم. ومن أهم هذه الأمور تفهم المشاعر المختلطة للطلاب من مخاوف وحماسة في نفس الوقت، فيجب تشجيعهم وتخفيف هذه المخاوف التي يشعرون بها. فعندما نتحدث بمثل هذه المشاعر نساعد أبناءنا على تخطي المرحلة الصعبة التي سيعيشونها. فالطلاب يحتاجون الدعم والتشجيع لتحقيق أداء مميز”.
 
وشدّدت جبارين، على ضرورة تعاون الأهالي وتفاعلهم مع أبنائهم “من المهم جدًا تكاتف وتعاون أولياء الأمور في توجيه وتأهيل أبنائهم لاستقبال العام الجديد بكل حيوية ونشاط، فالإنسان بوجه عام يحتاج دومًا لمن يبعث فيه الحماس والتفاؤل، فالأهل يعطون الابن القوة للبداية الجديدة، وكل بداية تستلزم فرحًا وتفاعلا وطاقة ايجابية للبدء بقوة. نقطة الانطلاق الأولى ستشكل الكثير من معالم الرحلة طوال العام الدراسي القادم، فالأهل يجب أن يكونوا على استعداد وجاهزية بنفسية متزنة لتحفيز أنجالهم للابتداء بالرحلة القادمة. الأمر يتعدى استيفاء التسجيل وشراء المستلزمات الضرورية، بل من الضروري تهيئة الأبناء للعودة الى أحضان المدرسة”.
 
حول دور المكوث في المدرسة في تنمية المهارات الاجتماعية، تقول: “تعتبر الغرفة الصفية إحدى البيئات التي تنمي المهارات الاجتماعية لدى الطالب حيث يتوفر التفاعل بشكل وثيق بين الطالب وزملائه. فلو كانت المدرسة هي المكان لتعلم المواد الدراسية فقط، لهرب منها الطلاب ولأصبح الفشل هو السمة السائدة. فيمكن للطالب أن يتعلم الكثير من المهارات الاجتماعية التي تؤدي إلى تطور ذكائه العاطفي. فعلى البالغين تعليم الطلاب المكونات الأساسية لتعليم وتطبيق المهارات الأساسية وهي: الاهتمام المشترك، مهارات التفاعل العرضي، التعلم باللعب، مهارات التخاطب، مهارات حل المشاكل الاجتماعية بين الأقران، مهارات الصداقة، التعلم بمساعدة الأقران، لعب الأدوار وتنفيذ مشاريع بروح التعاون. أخيرًا، فالمهارات الاجتماعية لا تقتصر على مادة دون الأخرى، بل يستطيع المعلم أن يدمج تلك المهارات في الحصة الدراسية أيا كان التخصص. ومع تعدد أساليب وأنشطة المهارات الاجتماعية داخل الصف يمكن للمعلم أن يختار ما يناسب الطلاب وبما يتواءم مع الظروف المحيطة”.
 
كما تؤكد أهمية دور البيئة البيتية في تطوير المهارات الاجتماعية “من المؤكد أن المواقف التربوية في البيت وما ينشأ عنها من علاقات متبادلة بين الأهل والأبناء لها بالغ الأثر في نقل المعرفة من طرف إلى آخر لتنمي قوة التعبير وقوة الابداع وتطوير الشخصية بجملتها”.
 
وختمت جبارين حديثها، بالتوصيات حول الاستعداد للسنة الدراسية: “هناك أمور كثيرة من الممكن فعلها، مثل البدء بتصفح بعض الكتب والقراءة لتنشيط الذهن مرة أخرى. تنظيم الوقت ووضع جدول يومي لتنظيم أيام الدراسة وتحديد هدف معين من الدراسة والعمل على الوصول اليه كحلم يريد الطالب تحقيقه، وكذلك حث النفس على العمل والنشاط وترك الكسل، بالإضافة إلى الحفاظ على الهوايات والنشاطات التي يمارسها الطلاب في فترة الإجازة حتى تساعده على النجاح والتقدم”.
 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
كلامك عالعين والراس.. احسنت واصبت...!+
امل - 14/08/2021
رد

تعليقات Facebook