اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال "حاربوا الناس بالحُب" بقلم الشيخ: محمد نضال محاميد

http://www.yaffa48.com/site/online/2011/10/3/mohammad_Mahameied.jpg


ما أكمل تلك القيّم القرآنية التي تحث على العفو والتسامح وما أجمل السُنة النبوية التي تأمر بالرحمة والمودة، فجاء الإسلام بماء طهور يروي القلوب الظمأى ويَنفخُ فيها روح الحياة ويعيدها إلى فطرتها التي جبل الله تبارك وتعالى أبانا آدم عليه السلام عليها قبل ما يلطخها إبليس الملعون بوسواسه وشره، فنقلنا هناك إلى حيث الإنسانية التي لا يعرف قاموس لغتها معنى الوحشية، هناك إلى عالم الحب البريء من دنيا الكراهية، فالإسلام هو منهاج الفطرة وما أرسله الله إلا رحمة للعالمين.

فهيهات لو كل بني أدم تربوا على مائدة ذو الخلق العظيم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعم في أرجاء الكون الصلاح والسكون وحلت البركة والخيرات، ولو كل عين رصدت السيرة النبوية العطرة لأدرك البشر كلهم أن الإسلام هو الحل، لن أخوض بالحديث عن السيرة الطاهرة لأن مجرد الحديث عنها يتطلب إعداد المؤلفات والمجلدات ولكني سأسلط بقعة الضوء على حدث واحد فيها ليعلم الناس كلهم كيفية ملاقاة خصومهم بالمحبة والعطف بدل من الكراهية والضعف.

فهذا المشهد العظيم كان حينما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا على رأس عشرة ألاف مجاهد من الصحابة رضوان الله عليهم بعد سنوات من الهجرة إلى المدينة المنورة التي عقبت تعذيب طغاة قريش للمسلمين والتضييق عليهم وقتلهم وتشريدهم وملاحقتهم، فصاح أحد الصحابة عند الفتح كما جاء في رواية سعد بن عبادة وقال: "اليوم يوم الملحمة" فأعترضه القائد القدوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "بل قل: اليوم يوم المرحمة"، فجمع من كانوا بالأمس جلاديه وله التمكين اليوم وخاطبهم بحلم وسعة صدر قائلا: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" فلم يحقد عليهم ولم يسفك دماءهم وما علق المشانق لهم بالرغم من اضطهادهم الذي عاناه وأصحابه الكرام، فبالصفح والعفو عند المقدرة وكظم الغيظ آلف بين قلوبهم وكسبها حينما حاربهم بالحب وبهم شد أزر دولة الإسلام التي ساندوها بإخلاص وساهموا بإرساء أعمدتها في كل مكان وطأته أقدامهم.

فالأمة بحاجة إلى مراجعة سيرة إمامها إمام الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم، وتطبيق تعليماته الإصلاحية في كافة مناحي حياتها من أهم الأمور إلى أدنى واقع الحياة، فلو استبدل الفرد منا العفو والتسامح بدل من الثأر والانتقام لرحل عنا العنف وحقنت الدماء المهدورة دون ثمن، فآفة العنف بألوانها المختلفة التي اجتاحت مجتمعنا دون هوادة هي من عادات الجاهلية التي جاء الإسلام ومسحها، فلغة الحوار التي لا بد أن تكون بيننا هي لغة الإسلام والإنسانية لغة الحب والحلم والصفح، ولا مكان للغة الحقد والدم والرصاص في قلب عبد مؤمن فكما أن الزيت والماء لا يختلطان كذلك الإيمان والكفر لا يلتقيان، فمن أراد الإيمان عليه أن ينأى بنفسه عن الأفكار الشيطانية الباطلة ويستبدلها بالعفو والتسامح وهذا لا يعني ذلا ولا ضعفا فهذه هي ذروة العزة والقوة، وهذا هو منهاج الإسلام.

وأخيرا أوصيك بأن إذا لاقاك خصمك محاربا فتصدى له بالحب، فلا تنسى أبدأ أن الإنسان المسلم كالشجرة الطيبة المثمرة التي إن قُذفت بالطوب ردت على راميها ثمارا مباركة، فثمارنا هي النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن عليك أن تدرك جيدا أن إذا تطاول رامي الطوب وحمل فأسه لقطع ساق شجرتك المسلمة فأبتر يده ليتأدب ومن ثم قابله بالحب لعل الله يصلح ما فيه من حقد أسود.

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
روح المسام جازاك الله عنا خيرا
عبدالله - 12/02/2012
رد
2
بارك الله فيك شيخ مقال رائع عنجد
محمود - 30/01/2012
رد
3
bark allah fik
abed - 30/01/2012
رد

تعليقات Facebook