لا يأبه أحد لمسلسل الإحتجاجات التي يقوم بها الخارديم رفضاً للخدمة العسكرية أمام المحكمة العسكرية في شارع شيفتي يسرائيل بيافا، ولا تحظى احتجاجاتهم بلحظة انتباه من قبل العابرين من أهالي المدينة، وذلك على مدار العامين الماضيين، حيث يُطالب الخارديم بإطلاق سراح قياداتهم الدينية التي سُجنت لرفضهم الانخراط بالخدمة العسكرية.
وما يلفت الإنتباه ويخطف الأفئدة هو مواصلة الخارديم لاحتجاجاتهم وصراعهم الطويل دون كللٍ أو مللٍ، مطالبين بذلك بمبدئهم الذي يعتبرونه أصيلاً لديهم وهو حرمة الخدمة العسكرية.
ووسط هذا الصمود البطولي وفق نظرنا، يُمكن لهذه المواقف المتتابعة ان تُشكل لنا نحن أهالي المدينة حالة يجدر الاستفادة منها لتكون لنا نبراساً وقدوةً في كيفية إدارة الصراعات في مفهوم سياسة "النفس الطويل"، الذي لم تألفه قيادة المدينة!.
وما ينبغي ان يستنهض الضمائر الحيّة ويوقظ الحسّ الجماهيري هي إرادة الخاريديم العنيدة في مواصلة احتجاجاهم أمام المحكمة العسكرية في كل أسبوع ، بينما ما زالت جماهير يافا العربية تُعاني الأمرين من أزمة السكن والعنف المستشري وقضايا التعليم وفساد المؤسسات، وقضايا المقدسات والأوقاف، وقد بدى المواطنين اليافيين منهكين من استمرار نضالهم على مدار السنين، وأن نضالاتهم جميعها باءت بالفشل وانقطع تواصل مواقفهم النضالية في عدة ميادين . فهل حلت القيادة اليافية مجمل مشاكل المدينة؟! هل طوينا صفحة عربدة المستوطنين في يافا ؟! هل حُلت أزمة السكن؟ هل ينعم ابناؤنا بتعليم أمن وناجع؟، وأين تلك الشعارات وأين تلك الوعود؟! ، لماذا لم تعد لشعارتكم ذكراً وصوتاً؟ هل خرست أصواتكم ؟!.
فمتى يتعلم أهالي يافا الصمود في مطالبة حقهم واستمرار احتجاجاتهم حتى ينالوا حقوقهم المسلوبة؟. متى سنتحرر من صولات البعض ممن يظهر خلسة أمام الكاميرات ثم يختفي كأنما فرّ من قسورة ؟! أما آن الأوان ان يتلاشى عن المشهد اليافي وجوه بعض الممثلين ممن ساهموا بعنترياتهم العبثية تخدير المجتمع أكثر من 25 عاماً.
إننا بحاجة إلى ان نستفيد من الخارديم وإن كانوا قلّة قليلة لكنها تواجه بجسدها العاري كل ما يقف أمامهم بقوة الإرادة وحكمة العقلاء وصمود الأشداء، لم يأبهوا لحرارة الصيف وجلف الشرطة في صدهم. هل عقمت أرحام المدينة ان تلد لنا قيادة تأخذ بزمام الأمور وتحمل هم المدينة حمل المثابر العنيد؟!.
سذاجة أهالي المدينة وحالة اللامبالاة جعلت من هبّ ودبّ يعبث في قضايا المدينة دون تحقيق أي إنجاز واحد في قضايا المسكن والعنف والتعليم. عبثية مواقف "القيادة" قضت على أحلام اليافيين وقضت معها على صمود المدينة حتى تلاشت الآمال وتبددت الشعارات وبدا صمودنا يحتضر.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]