غيَّب الموت أمس الإثنين الموافق 4.12.2017 رجلاً من رجالات فلسطين، وأحد أبرز روّاد العمل الوطني والخيري في فلسطين، ومن خيرة الرجال المناضلين والمدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني، إنه المناضل الوطني الكبير ورجل الأعمال: عبد المحسن حسن القطان الذي فاضت روحه إلى بارئها عن عمرٍ ناهز 88 في بريطانيا.
عبد المحسن حسن القطان من مواليد مدينة يافا بتاريخ 5.11.1929، حيث كان والده الحاج حسن يعمل في تجارة البرتقال المزدهرة، ووالدته هي السيدة أسماء خضر وأصلها من مدينة اللد.
التحق عبد المحسن القطان بالمدرسة الأيوبية في مدينة يافا، وعندما بلغ الـ15 من العمر التحق بالكلية العربية في القدس والتي كان يديرها أحد كبار المربين الفلسطينيين آنذاك الأستاذ خليل السكاكيني، ازدهر الشاب في تلك البيئة مبدياً اهتماماً كبيراً في الشعر والتاريخ العربي والإسلامي.
في نهاية الحرب العالمية الثانية وخلال إقامته في القدس تم استدعاء عبد المحسن إلى يافا من أجل وداع والده الذي كان على فراش الموت، نتيجة تعرضه لجلطة دماغية.
في عام 1947م التحق عبد المحسن القطان بالجامعة الأمريكية في بيروت حيث بدأ في دراسة العلوم السياسية والاقتصاد، وكانت تلك آخر مرةٍ يزور فيها مدينة يافا قبل النكبة التي حلّت بالشعب الفلسطيني عام 1948م.
بعد النكبة غادرت والدته مع عائلتها إلى الأردن، وهناك اجتمع شمل العائلة أوائل عام 1949م.
واجه الشاب عبد المحسن القطان تحدياً لإعالة والدته وإخوانه فعاد إلى بيروت حيث توقف عن دراسة السياسة والاقتصاد، مفضلاً عليها دراسة إدارة الأعمال المجدية أكثر مادياً.
تخرَّج من الجامعة عام 1951م وعاد إلى الأردن حيث عمل مدرساً في الكلية الإسلامية بعمّان، بعدها غادر عام 1953م إلى الكويت من أجل العمل.
بفضل شخصيته المحببة والقوية وروحة المرحة جلب عبد المحسن انتباه رئيس دائرة التربية في الكويت وتزوج من ابنته التي كانت تعمل مدرسةً عام 1954م.
وسرعان ما كان له طموح حيث عين مديراً عاماً لوزارة المياه والكهرباء في الكويت.
في العام 1963م قام بتأسيس شركة الهاني للإنشاءات والتجارة مع صديق كويتي وبفضل الطلب الكبير في السوق الكويتية ازدهر العمل بسرعة هائلة حتى أمست الشركة من أكبر شركات المقاولات في الكويت.
وعلى الرغم من حياته المهنية ظل عبد المحسن القطان نشطاً في السياسة الفلسطينية والعربية، حيث رافق المرحوم الأستاذ/ أحمد الشقيري عام 1964م إلى جمهورية الصين الشعبية، ودعم منظمة التحرير الفلسطينية منذ انطلاقها في الكويت.
منح عام 1964م الجنسية الكويتية بعدها غادرت العائلة إلى بيروت وذلك كي يلتحق أولاده بالمدارس هناك وبقيا حتى عصفت الحرب الأهلية بلبنان عام 1975م انتقل بعدها إلى بريطانيا.
عام 1969م ولدى انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في القاهرة بدورته الخامسة تم انتخابه لمنصب رئيس المجلس وهو منصبٌ تخلّى عنه بعد أيامٍ قليلة، وبقي عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني حتى استقالته عام 1990م.
حوَّل عبد المحسن القطان جلَّ اهتمامه إلى العمل الخيري وكان كأحد مؤسسي مؤسسة التعاون في جنيف وكمحافظ فلسطين لدى الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إضافةً إلى نشاطه في العمل الخيري بشكلٍ غير رسمي لا سيّما في مشاريع تربوية وثقافية.
عام 1994م أطلق مشروع مؤسسة عبد المحسن القطان في لندن، وعام 1999م في فلسطين (في كل من رام الله – غزة) وأنشأ مركز ومكتبة القطان كمنارةٍ للمعرفة ومركز تحضرٍ ورقي.
في أيار عام 1999م عاد عبد المحسن القطان (أبو هاني) إلى فلسطين حيث زار مسقط رأسه يافا واستلم شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة بيرزيت.
أصبحت مؤسسة عبد المحسن القطان اليوم إحدى أهم المؤسسات التعليمية والثقافية في العالم العربي بميزانيةٍ معتمدةٍ من قِبَلِ صندوق عائلة القطان الخيرية.
المناضل/ عبد المحسن القطان (أبو هاني) رجل الإحسان قامة وطنية وعمل الكثير من أجل شعبه، وقدم الأموال، ولم يأخذ، دعم الثقافة والتعليم والمؤسسات الثقافية، كان محسناً كريماً وإنساناً وطنياً أصيلاً وأحد أبرز رجال الاقتصاد الفلسطيني.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]