اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

ما الذي تسعى إليه الشرطة عبر "حوارها" مع الشبيبة اليافيّة؟ - بقلم: عبد أبو شحادة

 
تؤشّر العاصفة التي أثارتها زيارة مفتش عام الشرطة إلى إحدى المدارس الثانوية اليافيّة، على وجوب العمل ضد مشاريع تجنيد الشباب من أبناء المدينة، لصالح مشاريع اضطهاد أبناء شعبهم، في الوقت الذي تقوم فيه الشرطة بممارسة العنف اليومي تجاه أبناء الشبيبة في يافا.
 
ثارت، خلال الأسبوع الأخير عاصفة في أوساط المجتمع العربي في يافا، وذلك في أعقاب زيارة مفتش عام الشرطة، روني إلشيخ، إلى مدرسة ’أجيال‘ في المدينة احتفاء بانتهاء المشروع الذي يطلق عليه إسم "شرطة إسرائيل من أجل أبناء الشبيبة" (ميلاه).  الهدف الظاهري للمشروع هو خلق حوار بين أبناء وبنات الشبيبة داخل المجتمع العربي وبين قوات الشرطة في يافا، بناء على افتراض يقول بأن الشرطة معنية بالعمل في المجتمع العربي. إلا أن هذا الافتراض يتجاهل تماما كون الشرطة تعمل وكأنها شركة حراسة معنية بتجنيد عملاء مستقبليين في صفوف قواتها في المدينة.
 
لدى المجتمع العربي في يافا تاريخ طويل مع قوات الشرطة. فعلى المستوى الجنائي، تبدو الشرطة عاجزة تماما- وسجلّ إنجازاتها يبلغ الصفر في مجال اقتلاع وتصفية الجريمة. وكذلك حالها على المستوى الأمني، حيث لم نعد نسمع أخبارا عن أي تقدّم في ملفات تمّ فتحها على خلفية التعدّي على حرمة الأماكن المقدسة ومهاجمة العرب بدوافع قومجية. أما في الحالات التي يكون اليهود فيها هم الضحايا، فإن الشرطة تحقق إنجازاتها. الأمر ليس جديدا ولا هو بالمفاجئ؛ وبذا فإننا نعي تماما ما هو هدف الشرطة في مشروع على هذا الشكل، وكما لخّص قائد لواء شرطة حولون، نتان بوزانا، الأمر لدى زيارته أحد مدارس منطقة وسط البلاد : "إنني أنتظر قدوم اليوم الذي أراكم فيه وأنتم ترتدون البزّات الشرطية".  إن الناس المستعدين لتجنيد أبناء الشبيبة لكي يأخذوا دورا في قمع أبناء شعبهم، والأسوأ من ذلك: مستعدون لأن يقوم أولادهم بالخدمة تحت لواء ودولة لا تحترمهم. وبكلمات أخرى، فإنهم يحولون أولادهم إلى عرب أليفين، خاضعين ومهانين.
 
إضافة إلى ما سبق، فإن العاصفة التي ثارت في يافا حول هذا الموضوع ترتكز إلى خلافات فكرية عميقة حول مستقبل أولادنا. فلدينا، كما هو الحال في أي مجتمع يتعرض للاضطهاد، نوعان من المضطَهدين: النوع الأول، هو من يؤسس هويّته على الاستسلام والقبول بالقمع من أجل البقاء والتمتع بالفتات. إن هؤلاء سينجحون في إغماض عيونهم عن جميع جرائم الشرطة، وهؤلاء سيقومون بخداع أنفسهم، على أمل أن يقوم من يمارس الاضطهاد بمراجعة نفسه، يوما ما، إذا ما تصرّفوا كما يتوقع منهم.  ومقابل هذه الفئة، هنالك من هم ليسوا مستعدين للتنازل عن حقوقهم الأساسية، وهم فخورون بهويّتهم القومية والدينية وغير مستعدّين للقبول بمواطنة من الدرجة الثانية. وهؤلاء سيفضلون أن يقاتلوا ويناضلوا من أجل تحقيق المساواة المدنية على جميع الأصعدة، انطلاقا من فهمهم المتأسس على أنه ما  من أحد يمنّ عليهم أو يقدم لهم معروفا.
 
من المؤسف أن نرى كيف يقوم أشخاص، في سبيل مصالحهم الذاتية، في سبيل القليل من الفتات والمديح الذي يوجهه المسؤولون عنهم، بإبداء استعدادهم في تسريب العشرات من أبناء الشبيبة في مسار يتسم بهذا الحد من العنصرية والعنف تجاههم ( والأمر يتضاعف حين يأتي من يشغل منصب مفتش عام الشرطة من صفوف الشاباك الإسرائيلي. فهل هنالك حاجة إلى التذكير بالطرائق التي عمل ويعمل بها الشاباك الإسرائيلي  ضد العرب، سواء الذين يعيشون في حدود الخط الأخضر أم أولئك الذين يعيشون في المناطق المحتلّة؟). وعلى الصّعيد ذاته، فإن هؤلاء يختارون أن يبرروا العنف اليومي الموجه ضد أبناء الشبيبة اليافيين. 
 
إن المجتمع العربي الآن، وأكثر من ذي قبل، مطالب بمعارضة المشاريع التي على هذه الشّاكلة ، لأن هذه الظاهرة ستتصاعد وستخلق تمزّقا اجتماعيا عميقا يقوم خلاله العرب الأليفون، بمساعدة المؤسسة الرسمية، في فرض عادات اجتماعية تتناسب مع رؤاهم الاستسلامية.
 
لو  كانت الشرطة الإسرائيلية معنية فعلا بفتح خطّ للحوار مع أبناء الشبيبة، فإنني أقترح عليها أن تقوم باستئصال العنصرية المؤسساتية الكامنة فيها، وبأن تشرع بالعمل كجهاز شرطي حقيقي ولا كشركة حراسة، والأهم من من ذلك، فإن عليها أن تتوقف عن الاعتداء على أبناء الشبيبة الذين تدّعي رغبتها بفتح حوار معهم. أما من يشجّع المشاريع التي على هذه الشاكلة، فإنني أنصحه، وبدلا من استخدام الأولاد كأوراق لعب سياسية، بأن يدافع عنهم وأن يطالب الشرطة بتحسين تصرفاتها. "إن التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل، لأن الغد ملكٌ لأولئك الذين يعدّون له اليوم" ، كما قال مالكولم إكس.  
 
إنكم فقط وفي حال قمتم بالاستعداد كما ينبغي، وفهمتم من أنتم وتعرفتم إلى هويّتكم الحقيقية، فستتعرفون على وظيفتكم ومسؤولياتكم تجاه أبناء شعبكم، ولن تسمحوا لأي إنسان إنتهازي بأن يجرّكم إلى واقع تقومون فيه بممارسة القمع تجاه إخوانكم.
 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
جزاك الله خير اخي ابو عرب! كلام سليم واضح وبسيط.الا الامام
ابو عمر - 24/06/2016
رد
2
كلام من ذهب. للاسف الشديد ان الاشحاص المكلفة بتربية جيل واع يشردونه لاجل التجمل في اعين الطرف الصهيوني وللاجل مصالحهم!
مربية - 23/06/2016
رد

تعليقات Facebook