اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

الإرهاب الإسرائيلي يحرق الطفولة الفلسطينية - للشيخ رائد صلاح

مما ورد في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان له جار يهودي في المدينة المنورة، وكان لهذا الجار طفل وكان مريضًا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود هذا الطفل المريض في بيت أبيه اليهودي. وذات مرة عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف بمحاذاة ذاك الطفل المريض، قال له على مسمع أبيه اليهودي: يا غلام، اشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فنظر الطفل المريض إلى أبيه اليهودي كأنه يستشيره، فقال له أبوه: أطع أبا القاسم. فقال الطفل: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ومات بعد أن أتم النطق بتلك الشهادة التي أدخلته الإسلام، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيتهم حزينًا على موت ذاك الطفل وفرحًا لأن الله تعالى كتب على يديه إسلام ذاك الطفل، ونجاته من النار وفوزه بالجنة، وهي قصة مؤثرة تبين كيف تعامل الإسلام مع الطفولة، بغض النظر عن نسب الطفل أو لونه أو دينه، لأن كل طفل يولد، فإنه يولد أصلًا وفق المنظور الإسلامي، على الفطرة، كالصفحة البيضاء التي لا يجوز لأحد كائنًا من كان أن يحاكمها على جريرة انتمائها إلى هذا النسب أو إلى هذا الدين أو إلى هذه القومية، ومن سولت له نفسه ذلك فقد صادم قيمة من قيم الإسلام، وولغ في محاكمة الطفولة التي يجب أن تكون حصانتها محل إجماع عند كل أهل الأرض على اختلاف مللهم ونحلهم.
 
وإذا كان هذا حال من سولت له نفسه أن يحاكم الطفولة، التي ترمز إلى البراءة والصفاء والنقاء فكيف بمن سولت له نفسه أن يمتد على الطفولة بالأذى، فيضرب طفلًا أو يعتقل طفلًا أو يجوّع طفلًا أو يقتل طفلًا أو يحرق طفلًا؟ لا شك إن من سولت له نفسه أن يفعل كل ذلك أو ببعضه فهو الإرهاب بعينه، وهو الشر بعينه وهو الإفساد بعينه. ولا أبالغ ولا أصادم الحقيقة إذا قلت: إن الاحتلال الإسرائيلي قد امتد على الطفولة الفلسطينية بالأذى الشديد المتواصل، الذي كان ولم يزل، فضرب واعتقل وجوَّع وقتل وأحرق أطفالًا من أطفال فلسطين، ولا يزال يواصل ارتكاب كل هذه الجرائم المنكرة التي تجعل منه هو والإرهاب وجهين لعملة واحدة.
 
ولا يخفى على أحد أن آخر فظائع الاحتلال الإسرائيلي هو إحراق الشهيد الرضيع علي سعد محمد حسن دوابشة. وحول تفصيلات هذه الجريمة النكراء حدثنا (س) عم الشهيد الرضيع علي، عندما زرناهم يوم الإثنين الموافق 2015/8/3، وقال لنا: إن مجموعة من الإرهابيين المستوطنين، الذين باتوا يؤدون الذراع التنفيذية للاحتلال الإسرائيلي ألقوا مواد حارقة وسريعة الاشتعال في بيت أخيه سعد محمد حسن دوابشة الساعة الثانية ما بعد منتصف ليلة الجمعة (2015/7/31)، ما تسبب في إشعال حريق هائل وسريع في كل البيت، إلى درجة أنه تحول إلى كتلة لهب. وفي تلك اللحظات المصيرية استيقظ أخوه وزوجه وابنهم أحمد على ألسنة النار وهي تلتهم كل ما في البيت بسرعة هائلة، فأسرعت الأم نحو سرير رضيعها علي وحملته بين ذراعيها وخرجت به خارج البيت، وعندما ابتعدت بضعة أمتار عن لهيب النار نظرت إلى ما بين يديها فصعقت عندما تبين لها أنها حملت لحاف الرضيع علي بين ذراعيها ونسيت الرضيع علي في السرير. ورغم هول الصدمة التي سقطت عليها كالصاعقة إلا أنها كانت سالمة من أي سوء حتى تلك اللحظات، فأقدم أحد أولئك الإرهابيين الإسرائيليين على إشعال النار فيها، وكادت أن تتحول إلى كتلة فحم لولا أن هب أهل القرية (دوما) إلى إنقاذها، وهي لا تزال حتى هذه اللحظات بين الحياة والموت في أحد المستشفيات. وأما الأب سعد فقد ظن في لحظة ما أنه قد نجح في إخراج كل أبنائه من البيت الذي أضحى كتلة كبرى من اللهب، إلا أنه بعد أن ابتعد عن البيت بضعة أمتار أقدم أحد الإرهابيين الإسرائيليين على إشعال النار فيه حتى سقط على الأرض، وأخذ ذاك الإرهابي الإسرائيلي النذل الجبان يطوف حوله ويتلذذ هو وأحد زملائه من حثالة هؤلاء الإرهابيين الإسرائيليين بمشهد الأب سعد وهو يحترق ويتلوى على الأرض من لهيب النار، التي كادت أن تحيله إلى رماد -وعلى ذلك يشهد أحد الجيران- لولا أن هب أهل القرية (دوما) إلى إنقاذه، وهو لا يزال حتى هذه اللحظات بين الحياة والموت في أحد المستشفيات.
 
ثم يقول (س) عم الشهيد الرضيع علي دوابشة: بعد أن احتشد أهل قرية دوما حول البيت، اكتشفوا أن الرضيع علي لا يزال في البيت وسط لهيب النار، وأن أحمد الابن الأكبر في هذا البيت لا يزال مفقودًا ومجهول المصير، فحاولوا التعجيل في إخماد النار عساهم ينقذون الرضيع علي، إلا أنهم كانوا كلما صبوا ماء على النار المتقدة ازدادت النار اتقادًا وراحت ألسنتها المشتعلة تزداد طولًا. عندها أيقنوا أن الفرصة المتاحة لإنقاذ الرضيع علي قد انتهت، وأنه بات في عداد الشهداء، وراحوا يبحثون عن أخيه الأكبر أحمد، الذي كان مفقودًا حتى تلك اللحظات، فلم يجدوه، إلا أنهم ورغم مأساوية تلك اللحظات، ورغم الخطر الشديد المحدق بكل من حاول أن يقترب من البيت المشتعل نارًا في تلك اللحظات؛ نجحوا في فتح الباب الرئيس للبيت فوجدوا أحمد محروقًا خلف الباب، فسارعوا إلى إخراجه من وسط لهيب النار. ثم بعد أن نجحو في إخماد النار دخلوا إلى البيت واتجهوا نحو سرير الرضيع علي فوجدوا أن بعض أعضائه قد ذابت ولم يبق لها أي أثر، وأما ما تبقى من جسده فقد تحول إلى ما يشبه قطعة الفحم السوداء!!، هذا موجز ما حدثنا إياه (س) عم الشهيد علي، والذي خلال حديثه انفجر بالبكاء وراح يتساءل: لماذا فعلوا بنا ذلك؟! ما ذنبنا؟! ما ذنب هذا الرضيع علي حتى يلقى منهم هذه الجريمة النكراء؟! ما ذنب هذه الأسرة؛ أخي وزوجه وأولادهما حتى يلقوا منهم هذه المحرقة؟! ما ذنب بيت أخي وبيت جاره حتى يتحولا إلى كتل فحم تفوح منها رائحة الموت، بعد أن كانت تشرق بالسعادة والفرح والسرور؟!
 
وعلى وقع أسئلة (س) عم الشهيد علي قلت ولا زلت أقول: إن جريمة إحراق الشهيد الرضيع علي، وجريمة إحراق أبيه وأمه وأخيه، وجريمة إحراق بيتهم وبيت جيرانهم هي بمثابة الدليل بعد المليون أن الاحتلال الإسرائيلي لا يحمل أدنى نية -ولو كانت بحجم حبة سمسم- للقبول بأية تسوية مع شعبنا الفلسطيني، وهذا ما يجب أن يوقظ كل نائم وأن ينبه كل غافل في مسيرة شعبنا الفلسطيني، وأن يدفع القيادة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية والجماهير الفلسطينية إلى ضرورة الوقوف مع الذات وتقييم ماذا حملت المرحلة السابقة، وما هو المطلوب في المرحلة القادمة.

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
حسبياالله ونعم الوكيل عى كل ظالم الله يرحمه ويجعل مثواه الجنة اشهد ان ﻻاﻻالله وان محمد رسول الله بدي اقول وين الشعب العربي اصحوه بكفي
ياسمين - 07/08/2015
رد

تعليقات Facebook