اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال "النفاق السياسي" بقلم: الشيخ سعيد سطل "أبو سليمان"

 
يوجد في المجتمع البشري أصناف عدة من المنافقين , كما يوجد ألوان عدة من النفاق منها نفاق اعتقادي , ونفاق عملي ونفاق سياسي  ونفاق أخلاقي , ومهما تعددت وتنوعت أسماء النفاق فمعناه واحد , وهو إظهار الإيمان وإبطان الكفر , أو مخالفة الباطن الظاهر , أو إظهار الخير وإسرار الشر , وكذلك مهما تعددت ألوان النفاق فعناصره ومكوناته واحدة , لا تتغير بتغير الزمان والمكان , وهي التي وردت في الحديث النبوي الشريف : أربع من كن فيه كان منافقا خالصاًً  ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها , إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر , هذه هي عناصر النفاق وخصاله ثابتة لا تتغير , قد تتغير أساليب النفاق ووسائله وهي كثيرة , تتداولها وسائل الإعلام المختلفة من صحف ومجلات وقنوات فضائية وغيرها , واخطر ألوان النفاق وأشدها ضررا على البشرية هو النفاق السياسي , وهو الذي تعتمده الدول في سياساتها الخارجية مع بعضها البعض  وفي معاملاتها وعلاقاتها الداخلية مع مواطنيها , ولو استعرضنا سياسات الدول وعلاقاتها ومعاملاتها الخارجية مع بعضها ومعاملاتها في الداخل مع شعوبها , لوجدنا عمادها الكذب والخداع والاحتيال , ولو استعرضنا سياسة الولايات المتحدة الخارجية ومعاملاتها مع الدول والمجتمع الدولي , لوجدناها مبنية على النفاق قائمة على  الكذب والخداع والتلفيق والغدر والاحتيال  مع جميع الدول والشعوب  , حتى مع حلفائها وأصدقائها المقربين , لقد غدرت بالرئيس التونسي بن علي , وبالرئيس المصري حسني مبارك , وبعبد الله الصالح الرئيس اليمني ,  ومن الرؤساء والحكام الموالين لأمريكا أكثر من ولائهم لشعوبهم وأمتهم  ما زال في سدة الحكم ينتظر جرعة الغدر الأمريكية التي تطيح به إلى غير رجعة.
 
هذه الولايات المتحدة الرائدة في النفاق السياسي على مستوى العالم , تدعو إلى تشكيل تحالف دولي لمحاربة الإرهاب , والمعروف حتى الآن انه لا يوجد تعريف متفق عليه بين دول العالم لمعنى الإرهاب , ومن المفارقات الغريبة أن أمريكا التي تدعو إلى تشكيل تحالف دولي لمحاربة الإرهاب   هي نفسها  التي ترفض تعريف معنى الإرهاب ليظل فضفاضا , يفسره كل وفق هواه  ووفق ما تقتضيه مصالحه  في السياسة الأمريكية كل ما يتعارض مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية فهو المعني بالإرهاب , وكل من يأبى الخضوع للإرادة والإملاءات الأمريكية فهو مدرج على لائحة الإرهاب الأمريكية , أمريكا اليوم تدعو لتوجيه ضربات جوية لتنظيم داعش في العراق وسوريه بصفته تنظيم إرهابي يهدد امن دول المنطقة , ومن المفارقات الغريبة عجيبة أن الدول العربية التي تدعم وتمول وتسلح هذا التنظيم السعودية وقطر والإمارات والبحرين والأردن , هي أول من لبى نداء الواجب وانضم إلى هذا التحالف  , ولا يخفى على احد  الرعاية والتأييد الأمريكي الذي يحظى به هذا التنظيم في العراق وسورية  , هذا لون من ألوان النفاق الصارخ الذي يدعونا إلى التشكيك بنوايا أمريكا وشعاراتها التي تطلقها في محاربتها للإرهاب وضرب داعش , فتنظيم داعش لا يحتاج إلى تحالف دولي للقضاء عليه ؟ إنما يحتاج إلى وقف إمداده بالمال والسلاح , ووقف تدفق المقاتلين العرب والأجانب للعراق وسورية عبر الحدود السعودية والأردنية والتركية.
 
والمعروف عسكريا وبشهادة كبار العسكريين الأمريكيين أنفسهم , أن الضربات الجوية لا تجدي نفعا ولا تقضي على تنظيم داعش , بل تزيده  تأييدا في العالمين العربي والإسلامي , وتزيده شراسة ووحشية في ارتكاب جرائمه ضد المدنيين الأبرياء , واعتقد أن هذا هو الهدف من توجيه الضربات الجوية لتنظيم داعش , فذلك يسهم في مزيد من تشويه الإسلام في العالم , لأن هذا التنظيم المشبوه يرتكب جرائمه كلها باسم الإسلام , والإسلام بريء منه ومن جرائمه.
 
هدف آخر من تشكيل التحالف الدولي تحت شعار محاربة الإرهاب , هو ضرب الجيش العربي السوري الذي تصدى ببسالة وإخلاص لعدوان كوني على سورية , وأحبط اكبر مؤامرة أمريكية إسرائيلية عربية لإسقاط النظام في سورية, وتبديله بنظام عميل موالي لأمريكا وإسرائيل , والتحالف الذي شكلته أمريكا لاحتلال العراق وتدميره حاضر في الذاكرة لم يغب ولم يمح , فالنفاق السياسي الأمريكي باق ما بقيت الزعامات العربية التي لا تصلح لرعي الغنم في سدة الحكم.
 
سعيد سطل ابو سليمان       1 / 10 / 2014      

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
والله ياشيخ ربما أنصفت ببعض الكلام ولكنك قتلت شعبا بنصف كلامك الآخر ... هداك الله أنت ومن يفكر ويرى بمنظورك السياسي ..
إنسان حر - 05/09/2016
رد

تعليقات Facebook