اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقتطفات من كتاب "يافا للأبد" تأليف الكاتب عدلي مسعود الدرهلي

 
 
يافا.. واحة افلتت من الجنة.. أما تاريخها فما اقدم تاريخها، ان معظم مدن الدنيا تبدو طفلة بالنسبة لها – المؤرخ مصطفى الدباغ-.
 
كنت قد زرت يافا أجمل ثغور العرب مرة واحدة، ونتيجة لهذه الزيارة فما زلت اشعر بالحسرة لفقدان هذه المدينة العربية الجميلة، واعتقد ان كل من زارها يشعر بما اشعر من الالم، وأقول إن من لم يزرها هو محظوظ!! وكان الله في عون اهالي يافا – الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري-.
 
تركت قريتي «الرفيد» في اربد في الثلاثينات الى يافا عروس البحر الفلسطينية.. مدينة الثقافة والصحافة والعلم، وهناك عرفت ضوء الكهرباء – المؤرخ الاردني سليمان الموسى-.
 
تمثل يافا قبل عام 1948 الفردوس المفقود!! انها لا مثيل لها بهوائها المعطر برائحة زهر البرتقال ، وبرمالها البيضاء الناعمة وبمسابحها ونواديها ومقاهيها وحياتها الثقافية المتميزة – البروفيسور هشام الشرابي-.
 
لقد كان شارع «اسكندر عوض» قلب المركز التجاري لمدينة يافا، مزدحماً بالمتسوقين من القاهرة وبيروت وحتى من بغداد – الكاتب الصحفي آدم لوبور-.
 
أي فنان ما كان ليثبت اسمه ومكانته الا اذا ظهر على مسارح يافا، لذلك شهدت مسارحها حفلات فنية كبرى لكبار الفنانين والمطربين العرب ولا سيما من مصر ولبنان .. واذكر انني دعيت لحضور حفل أحيته المطربة صباح شحرورة الوادي، وكان هذا اول ظهور لها خارج لبنان – المصرفي محمد شريف الجعبري-.
 
عندما تقول كلمة «برتقال» .. مباشرة يرتبط اسم البرتقال بمدينة يافا – د. محمود يزبك-.
 
لقد بدأ الهجوم على مدينة يافا من قبل عصابة «ارجون» فكانت البداية نهباً على نطاق واسع، وخاصة من قبل صغار وفتية العصابة، بنهب الالبسة والزينة لعشيقاتهم، وغير ذلك من الاثاث الذي يمكن حمله مثل المجوهرات والصور والخزف والفخار والسجاد وادوات المائدة.. وما صعب حمله فقد تم تدميره تدميراً كلياً مثل الشبابيك والبيانوهات والمصابيح .. الخ – جون كيمشي صحفي وكاتب اسرائيلي-.
 
اذكر يوماً كنت بيافا
اذكر يوماً كنت بيافا .. خبرنا خبر عن يافا.. وشراعي في مينا يافا.. يا ايام العيد بيافا.. يا طيب العود الى يافا.. ملأنا الضفة اصدافاً.. يا احلى الايام بيافا.. كنا والريح تهب تصيح.. نقول سنرجع نرجع يا يافا.. الخ – من أغنية تأليف وتلحين الاخوين رحباني وغناء جوزيف عازر -.
 
كل ما سبق ذكره هو من اقوال المشاهير عن مدينة يافا العربية الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948.
 
عدلي الدرهلي
هذا الكتاب «يافا للابد» هو من إعداد وتقديم الكاتب عدلي الدرهلي حيث يشير قائلا:»تخليداً للذكريات الجميلة لمدينة يافا التي كانت واحة فكرية خضراء تعج بالنشاط السياسي والاقتصادي والادبي والرياضي والصحافي قمنا بطباعة هذا الكتاب، والذي يحتوي على ثلاثة أجزاء:
 
الجزء الاول نضع بين أيديكم فصلاً من كتاب «قصتي مع الصحافة» للصحفي المقدسي البارز ناصر الدين النشاشيبي وهو في عز شبابه والذي كتب اجمل ما يمكن كتابته عن مدينة يافا.
 
والجزء الثاني والثالث ففيه الحقيقة المؤلمة التي أخفيت عن تاريخ يافا المدينة الحبيبة الحزينة – كما يرويها الاستاذ صلاح ابراهيم الناظر الذي عايش نهاية مدينة يافا في تقريره «سقوط يافا» بالاضافة الى تقرير الصحفي محمد سعيد اشكنتنا عن نفس الموضوع .
 
والكتاب في نسخته الواحدة يضم قسمين كتاب باللغة العربية وكتاب باللغة الانجليزية لمن لا يعرفون القراءة باللغة العربية جيداً للشباب العربي والفلسطيني المهاجر في الدول الاجنبية.
 
ناصر الدين النشاشيبي
يقول الصحفي العريق ناصر الدين النشاشيبي وذلك عام 1983 ما يلي: «اعود بنفسي وذكرياتي الى اليوم الذي حملت فيه القلم كي اصبح صحافياً، كان ذلك في بلدي فلسطين، في مدينة «يافا» بالذات!! وكان التاريخ بدء الاربعينات .. وكانت يافا هي بلد البرتقال والزهر والحب والصحافة.
 
كانت يافا مقر اشهر اذاعات الحرب العالمية الثانية والمعروفة باسم «الشرق الادنى للاذاعة العربية» وكان معنا في يافا وفي الصحف وفي الاذاعة اكبر الادباء واشهر الفنانين منهم: عباس محمود العقاد، سامي الشوا، ابراهيم عبدالقادر المازني، سليم اللوزي، فريد الاطرش، الاخطل الصغير، امين نخلة، حليم دموس، محمد عبدالمطلب... وألف أديب وصحافي وفنان . وكان معنا ايضاً قضية اسمها فلسطين.. وفي يافا كانت البداية، -وعندما سقطت بيد «الهاجانا»- كانت النهاية.
 
معارك البرتقال
ويذكرنا ناصر الدين النشاشيبي: وعندما يأتي موسم «البرتقال» كانت حياة يافا تتضخم بالثروة وليالي الانس، كان اهلها يحبون الطرب والفرفشة والسهر على مسارح يافا على مدى شهور السنة، وقد عرفت يافا السيدة ام كلثوم وعبدالوهاب وفريد الاطرش ويوسف وهبي والفرقة القومية ونجيب الريحاني وعلي الكسار واسماعيل ياسين عشرات المرات.. ذلك ان معظم عائلات يافا كانوا من اصل مصري!!.
 
وماذا لو قلت ان برتقال يافا لم يتحكم في حياة اهل يافا المالية والاجتماعية فحسب وانما تحكم في حياة يافا الصحافية ايضاً، وما زلت اذكر ان اعظم المعارك الصحافية بين جريدتي الدفاع وفلسطين في عام 1946 كانت بسبب الخلاف الذي نشب يومذاك بين «مصدري» البرتقال و»مزارعي» البرتقال حول زيادة اسعار المنتوج.. الخ.
 
السهر في يافا
ويتابع: وكنت اذهب الى يافا واسهر مع زملائي الصحافيين فيها عند مسرح وقهوة «ابو شاكوش» المقابلة لمكاتب جريدة الدفاع، او في مقهى نجمة الشرق او في مقهى «الظرفية» او اذهب للسباحة مع زملائي في الجامعة على شاطئ الشباب. فاذا جاء المساء انتقلنا الى فيلا قريبة تقع على الشاطئ وقد تحولت الى مقهى يملكها احد افراد عائلة السكسك، وكانت احاديثنا مملوءة بالنقد والسخرية على انفسنا، وعلى الصحف التي كنا نكتب فيها، وكنا نسأل انفسنا: هل هذه حقاً هي حدود حياتنا الفكرية والسياسية؟! وهل نحن نكتب –في الواقع- لقراء هم في الحقيقة من تجار البرتقال لا يقرؤون الصحف الا بعد الظهر ولا يهمهم من الصحف الا اسعار البرتقال؟! ولا يذهبون الى المقاهي الا للالتقاء بعمالهم وتوزيع الاجور عليهم.. كنا نسهر كثيراً ونضحك كثيراً ونكتب كثيراً.
 
مميزات المدينة
ونقرأ قليلاً عما كتبه الصحفي محمد سعيد اشكنتنا ابن يافا التي كانت عائلته تعشق الاعمال البحرية ما يلي: تبلغ مساحة مدينة يافا حوالي (72) كيلومتراً مربعاً، فطولها يمتد على الساحل نحو (12) كيلومتراً، وعرضها على الشاطئ حتى حدود منطقة البلدية حوالي (6) كيلومترات.
وتحد يافا من الشمال مدينة تل ابيب وجنوباً المستعمرات اليهودية «بات يام» و»اجروبانك» و «حولون» ومن الجهة الشرقية المستعمرة الالمانية «نيتر» ومصنع المسامير. اما من جهة البحر فالبحر حدها، ويطل عليه ميناء «تل ابيب» الذي اقامه اليهود لضرب ميناء يافا بمعاونة حكومة الانتداب البريطاني حتى يمكن لهم السيطرة على يافا من جميع الجهات متى سنحت لهم الفرصة.
 
ومن احياء المدينة التي كان لها تاريخ مجيد في النضال: «تل الريش» و «ابوكبير» في الجهة الشرقية و «الجبلية» و «كرم صوان» في المنطقة الجنوبية، و»المنشية» و «حسن بك» في الجهة الشمالية و «العجمي» و «النزهة» و «السوق العام» و الميناء في وسط المدينة.
 
وكان عدد سكان يافا وضواحيها قبل نكبة فلسطين زهاء 150,000 نسمة ولم يبق فيها بعد الكارثة الا اقل من خمسة الاف نسمة اقعدتهم عوامل الفقر ليشهدوا فصول المأساة عن كثب.
 
ان نسيتك يا بلدي!!!
وفي خواطر سريعة تنم عن روح المحبة والوطنية الارض الاباء والاجداد والكرامة يسطر قلم الصحفي اشكنتنا مسترسلاً بحرارة الوجع والفقدان «يافا.. لقد اصبحت نسياً منسياً في كثير من الاذهان.. لكنك عالقة دوماً في عقول من يكرهون الصدقات والاحسان.. لقد تلاشت صورتك من عيون رؤساء الهيئات لكنها ماثلة بين المشردين في المخيمات مع ضحايا الامم وما تبعها من منظمات.. بين المعوزين والفقراء ممن تأبى نفوسهم نظم الاحسان والصدقات المفروضة عليهم من قبل ادعياء الحرية وهم من ذبحوا الحريات!!
 
ملاحظات...
ضمن الطباعة الفاخرة والاخراج الفني الجميل لهذا الكتاب استمتعنا بالعديد من المعلومات الواردة فيه من مثل الصور الفوتوغرافية الملونة لمدينة يافا ولبعض الشخصيات اليافاوية المؤثرة ، وبالخرائط الواضحة التعريفية لفلسطين ولمدينة يافا وأسواقها ومساجدها وكنائسها وسينماتها ونواديها ومدارسها ومقاهيها ومستشفياتها ومصارفها وفنادقها ومرافقها الاخرى العام حتى العام 1948، وكذلك ما تضمنه الكتاب لبعض القصائد الجميلة والوطنية عن مدينة يافا عروس البحر. وكذلك لتلك الاعلانات التجارية القديمة جداً المأخوذة من الصحافة اليافاوية في فترة الثلاثينات من القرن الماضي.

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

تعليقات Facebook