بسم الله الرحمن الرحيم"أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ"
فمرض شائع ومنتشر مصاب به كثير من الناس هو قسوة القلب وعمى البصيرة فقد قال الله تعالى"أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"إن العمى الحقيقي ليس هو عمى البصر,وإنما عمى البصيرة فمن كان أعمى القلب فلا يعتبر ولا يتدبر,فقد صدأت القلوب حتى أصبح صدأها كصدأ الحديد,وقست حتى أصبحت كالحجارة أو أشد قسوة,فقل ما نقبل موعظة,وتنفعنا نصيحة,ويفيدنا إرشاد وتوجيه,حتى ساءت العلاقة بين العبد وربه,وساءت بنيه وبين الناس أجمعين.
فمالك لا ينفع فيك وعظ ****ولا زجر كأنك من جماد.؟
ستندم إن رحلت بغير زاد****وتشقى إذ يناديك المناد
تأهب للذي لا بد منه****فإن الموت ميقات العباد
أترضى أن تكون رفيق قوم****لهم زاد وأنت بغير زاد.؟
وكثير من القاسية قلوبهم يجهل أدوية هذا المرض والذي لا يتطلب منا المال ولا المجهود,فإن أدوية هذا العلاج ليست كأي دواء,إنها أدوية مجانية لعلاج قسوة القلب,بل إنه إحياء للقلب بعد أن كان ميتًا,قال تعالى"أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"
فالدواء الأول هو ذكر الله والمحافظة على أداء العبادات فذكر الله مطردة للشيطان وعون للإنسان قال تعالى"أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ"
أما الدواء الثاني فهو تذكر الموت,فمن تذكر الموت سيتذكر أنه سيأتي يوم وينادى عليه,ويتذكر خشبة الغسل,وحمله في النعش,ووضعه في القبر,لا جليس ولا أنيس إلا أعمالنا.
الدواء الثالث فهو استماع القرآن وتلاوته وتدبره فإنه نور للقلب وصفاء للنفس وقرب من الله.
الدواء الرابع هو مراقبة الله والخشية منه والاستحياء بأن يجدنا الله حيث نهانا وأن يفقدنا حيث أمرنا.
الدواء الخامس فهو التوبة فعلى كل منا أن يقبل على ربه بالتوبة الصادقة ويجددها وعليه أيضُا ملازمة الاستغفار.
أدوية أخرى كثيرة مثل : حضور مجالس الوعظ والتذكر والتخويف وسماع أخبار الصالحين,زيارة القبور,المسح على رأس اليتيم, أكثر من زيارة المستشفيات والمرضى ودورات تعين على ذكر الله.
إنَّ قسوة القلب داءٌ له أسبابه وله دواؤه، فإذا اتَّقى المؤمن أسبابه كان ذلك نصف العلاج، ويبقى تعاطي الدواء الذي يستأصله ويشفي صاحبه منه.
ومن الأسباب التي تؤدي إلى قسوة القلب:
الغفلة,التعلق بغير الله,مصاحبة أهل السوء,الحرص على الدنيا وطول الأمل ,سماع الأغاني والمعازف وهجر القرآن وغيرها الكثير.
فاتقوا هذه الأسباب وتمسكوا وداوموا على الدواء,واسألوا الله أن لا نكون من الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم"وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ" واسألوه أن نكون ممن قال فيهم" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"
أختكم في الله أصالة محمد أبو زيد
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]